للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَرْبٍ، عن حَنَشٍ، بنَحْوِ هذا المعنى. قال أبو الخَطَّابِ: فذَهَبَ أحمدُ إلى ذلك تَوْقِيفًا على خِلافِ القِياسِ، والقِياسُ ما ذكَرْناه.

فصل: ويجبُ الضَّمانُ بالسَّبَبِ، كما يجبُ بالمُباشرةِ، فإذا حَفَرَ بئرًا في طريقٍ لغيرِ مصلحةِ المسلمينَ، أو في مِلْكِ غيرِه بغيرِ إذْنِه، أو وَضَعَ في ذلك حَجَرًا أو حديدةً، أو صَبَّ فيه ماءً، أو وضَعَ فيه (١٥) قِشْرَ (١٦) بِطِّيخٍ أو نحوَه، [فهَلَكَ به] (١٧) إنسانٌ أو دابةٌ، ضَمِنَه؛ لأنَّه تَلِفَ بعُدْوانِه فضَمِنَه، كما لو جَنَى عليه. رُوِىَ عن شُرَيْحٍ، أنَّه ضَمَّنَ رَجُلًا حَفَرَ بئرًا، فوَقَعَ فيها رَجُلٌ فماتَ. ورُوِىَ ذلك عن عليٍّ، رَضِىَ اللَّه عنه. وبه قال النَّخَعِىُّ، والشَّعْبِىُّ، وحَمَّادٌ، والثَّوْرِىُّ، والشافعيُّ، وإسْحاقُ. وإن وضَعَ رجلٌ حَجَرًا، وحَفَرَ آخرُ بئرًا، أو نَصَبَ سِكِّينًا، فعَثَرَ بالحَجَرِ، فوَقَعَ في البئرِ، أو على السِّكِّينِ، فهَلَكَ، فالضَّمانُ على واضعِ الحَجَرِ دُونَ الحافرِ وناصِبِ السِّكّين؛ لأنَّ واضِعَ (١٥) الحَجَرِ كالدّافِعِ له، وإذا اجْتَمعَ الحافرُ والدافعُ فالضمانُ على الدَّافعِ وحْده. وبهذا قال الشافعيُّ. ولو وضَعَ رَجُلٌ (١٥) حَجَرًا، ثم حَفرَ عنْده آخَرُ بئرًا، أو نَصَبَ سكِّينًا، فعَثَرَ بالحَجَرِ، فسَقَطَ عليهما، فهَلَكَ، احْتَمَلَ أن يكونَ الحكمُ كذلك؛ لما ذكَرْنا. واحْتَمَل أن يَضْمَنَ الحافر وناصبُ السِّكِّينِ؛ لأنَّ فِعْلَهُما مُتَأَخِّرٌ عن فِعْلِه، فأشْبَهَ ما لو كان زِقٌّ فيه مائعٌ وهو واقِفٌ، فحَلّ وِكاءَه إنسانٌ، وأمالَه آخَرُ، فسالَ ما فيه، كان الضَّمانُ على الآخِرِ منهما. وإن وضَعَ إنسانٌ حَجَرًا أو حديدةً في مِلْكِه، أو حَفَرَ فيه بئرًا، فدَخَلَ إنسانٌ بغيرِ إِذْنِه، فهَلَكَ به، فلا ضَمانَ على المالكِ؛ لأنَّه لم يتَعَدَّ، وإنَّما الدَّاخلُ هَلَكَ بعُدْوانِ نَفْسِه، وإن وضَعَ حَجَرًا في مِلْكِه، ونَصَبَ أجْنَبِىٌّ فيه سِكِّينًا، أو حَفَرَ بئرًا بغيرِ إذْنِه، فعَثَرَ رجلٌ بالحَجَرِ، فوقَعَ على السِّكِّينِ أو في البئرِ، فالضَّمانُ على الحافرِ وناصِبِ السِّكِّينِ، لتَعَدِّيهِما، إذ (١٨) لم يتَعَلَّقِ الضَّمانُ بواضِعِ الحجرِ؛ لِانْتِفاءِ


(١٥) سقط من: الأصل.
(١٦) سقط من: ب.
(١٧) في م: "وهلك فيه".
(١٨) في الأصل، م: "إذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>