للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَمْرٌ جَيِّدٌ، كالبرنبا (٦٦) والهِلْبَاثِ (٦٧). فإن قِيلَ: فهَلَّا قُلْتُم لا زَكَاةَ فيه؛ لأنَّه لا يُدَّخَرُ، فهو كالخَضْرَواتِ، وطَلْعِ الفُحَّالِ (٦٨). قُلْنا: لأنَّه يُدَّخَرُ في الجُمْلَةِ، وإنما لم يُدَّخَرْ هاهُنا، لأنَّ أخْذَهُ رُطْبًا أنْفَعُ، فلم تَسْقُطْ منه الزكاةُ بذلك، ولا تَجِبُ فيه الزكاةُ حتى يَبْلُغَ حَدًّا يكونُ منه خَمْسَةُ أوْسُقٍ تَمْرًا أو زَبِيبًا، إلَّا على الرِّوَايَةِ الأُخْرَى. وإذا أتْلَفَ رَبُّ المالِ هذه الثَّمَرَةَ، فقال القاضي: عليه قِيمَتُها، كما لو أتْلَفَها غيرُ رَبِّ المالِ. وعلى قَوْلِ أبي بكرٍ: يَجِبُ في ذِمَّتِه العُشْرُ تَمْرًا، أو زَبِيبًا، كما في غيرِ هذه الثَّمَرَةِ. قال: فإنْ لم يَجِد التَّمْرَ، ففيه قَوْلَانِ: أحَدُهما، يُؤْخَذُ منه قِيمَتُه. والثاني: يكونُ في ذِمَّتِه، وعليه أنْ يَأْتيَ به.

فصل: فأمَّا كَيْفِيَّةُ الإخْرَاجِ، فإن كان المالُ الذي فيه الزَّكاةُ نَوْعًا وَاحِدًا، أخَذَ منه جَيِّدًا كان أو رَدِيئًا؛ لأنَّ حَقَّ الفُقَرَاءِ يَجِبُ على طَرِيقِ المُوَاسَاةِ، فهم بِمَنْزِلَةِ الشُّرَكاءِ، لا نَعْلَمُ في هذا خِلافًا. وإن كان أَنْوَاعًا، أخَذَ من كل نَوْعٍ ما يَخُصُّهُ. هذا قَوْلُ أَكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ. وقال مَالِكٌ، والشَّافِعِيُّ: يُؤْخَذُ من الوَسَطِ. وكذلك قال أبو الخَطَّابِ، إذا شَقَّ عليه إخْراجُ زَكَاةِ كلِّ نَوْعٍ منه (٦٩). قال ابْنُ المُنْذِرِ: وقال غيرُهما (٧٠): يُؤْخَذُ عُشْرُ ذلك مِن كُلٍّ بِقَدْرِه. وهو أَوْلَى؛ لأنَّ الفُقَرَاءَ بِمَنْزِلَةِ الشُّرَكَاءِ، فيَنْبَغِي أنْ يَتَسَاوَوْا في كلِّ نَوْعٍ منه، ولا مَشَقَّةَ في ذلك، بِخِلافِ المَاشِيَةِ إذا كانت أنوَاعًا، فإنَّ إخْرَاجَ حِصَّةِ كلِّ نَوْعٍ منه يُفْضِي إلى تَشْقِيصِ الوَاجِبِ، وفيه مَشَقَّةٌ بخِلافِ الثِّمَارِ، ولهذا وَجَبَ في الزَّائِدِ بِحِسَابِه، ولا يَجُوزُ إخْرَاجُ الرَّدِىءِ؛ لِقَوْلِه تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} (٧١). قال أبو


(٦٦) كذا في النسخ. ولعله "البرني". نوع جيد من التمر.
(٦٧) في النسخ: "والهلياث". وانظر تاج العروس (الكويت) ٥/ ٣٩٢.
(٦٨) الفحال: ذكر النخل.
(٦٩) في أ، ب، م زيادة: "وبه".
(٧٠) أي غير مالك والشافعي.
(٧١) سورة البقرة ٢٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>