للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للحَرْبِ، لم تَصِحَّ الوَصيةُ به أيضًا؛ لأنَّ مَنفعتَه في الحالِ مَعدومةٌ. فإن كانَ يَصلحُ لهما جميعًا، صَحَّتِ الوَصِيَّةُ به؛ لأنَّ المَنْفعَةَ قائمةٌ به. وإن وصَّى له بطَبْلٍ، وأطْلَقَ، وله طَبْلانِ، تَصِحُّ الوَصِيَّةُ بأحدِهما دونَ الآخرِ، انْصَرفَتِ الوَصِيَّةُ إلى ما تصِحُّ الوَصِيَّةُ به. وإن كان له طُبولٌ تَصحُّ الوَصيَّةُ بجميعِها، فله أخذُها بالقُرْعةِ، أو ما شاءَ الوَرثةُ، على اختِلافِ الرِّوايتَينِ. وإن وصَّى بدُفٍّ، صحَّتِ الوَصِيَّةُ به؛ لأنَّ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أَعْلِنُوا النِّكَاحَ، وَاضْرِبُوا عَلَيْه بِالدُّفِّ" (١٣). ولا تصِحُّ الوَصِيَّة بمِزْمارٍ، ولا طُنْبُورٍ، ولا عُودٍ من عِيدانِ اللَّهْوِ؛ لأنَّها مُحرَّمةٌ، وسواءٌ كانت فيه الأوْتارُ أو لم تكُنْ؛ لأنَّه مُهَيَّأ لِفعْلِ المَعْصِيةِ دونَ غَيرِها، فأشْبهَ ما لو كانت فيه الأوْتارُ.

فصل: ولو أوْصَى له بقَوْسٍ، صحَّتِ الوصيةُ، فإنَّ فيه مَنفعةً مُباحةً، سواءٌ كان قَوْسَ نُشَّابٍ، وهو الفارِسىُّ، أو نَبْلٍ وهو العَرَبىُّ، أو قَوْسًا (١٤) بمَجْرَى، أو قوسَ زُنْبُورٍ، أو جُوخٍ، أو نَدْفٍ، أو بُندُقٍ. فإن لم يكُنْ له إلَّا قوسٌ واحدٌ من هذه القِسِىِّ، تَعيَّنتِ الوَصِيَّةُ فيه. وإن كانت له هذه جميعُها، وكان في لفظِه أو حالِه قرينةٌ تصْرِفُ إلى أحدِها، انْصَرَفَ إليه، مثلُ أن يقولَ: قَوْسًا يَنْدِفُ به، أو يَتعيَّشُ به، أو ما أشْبَهَ ذلك، فهذا يَصْرِفُه إلى قَوْسِ النَّدْفِ. وإن قالَ: يَغْزُو به. خَرجَ منه قَوْسُ النَّدْفِ، والبُندُقِ. وإن كان المُوصَى له نَدَّافًا لا عادةَ له بالرَّمى، أو بُنْدُقانِيًّا لا عادةَ له بالرَّمْىِ بشيءٍ سِوَاه، أو يَرْمِى بقَوسٍ غيرِه لا (١٥) يَرْمِى بسِوَاهُ، انْصَرَفتِ الوَصِيَّةُ إلى القَوْسِ الذي يَسْتعمِلُه عادةً؛ لأنَّ ظاهرَ حالِ المُوصِى أنَّه قَصدَ نفعَه بما جرَتْ عادَتُه بالانْتِفاعِ به. وإن انْتَفَتِ القَرائنُ، فاختارَ أبو الخطَّابِ، أنَّ له واحدًا مِن جميعِها بالقُرْعةِ، أو ما يَختارُه الورثةُ؛ لأنَّ اللَّفظَ يَتناوَلُ جميعَها. والصحيحُ أن وَصيَّتَه لا تتناولُ قوسَ


(١٣) أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في إعلان النكاح، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذى ٤/ ٣٠٨. وابن ماجه، في: باب إعلان النكاح، من النكاح. سنن ابن ماجه ١/ ٦١١، والإِمام أحمد، في: المسند ٤/ ٥ مختصرا.
(١٤) في النسخ: "قوس". وبمجرى: أن يوضع في مجراه السهم، فيخرج من المجرى.
(١٥) في أ: "ولا".

<<  <  ج: ص:  >  >>