للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان قَتْلُ القَمْلِ أو إزَالَتُه مُبَاحًا، لم يكنْ كَعْبٌ لِيَتْرُكَه حتى يَصِيرَ كذلك، أو لَكان النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمَرَهُ بإزَالَتِه خَاصَّةً. والصِّئْبَانُ كالقَمْلِ فى ذلك، ولا فَرْقَ بين قَتْلِ القَمْلِ، أو إزَالَتِه بإلْقائِه على الأرْضِ، أو قَتْلِه بالزِّئْبَقِ، فإنَّ قَتْلَهُ لم يَحْرُمْ لِحُرْمَتِه، لكن لِما فيه من التَّرَفُّهِ، فعَمَّ المَنْعُ إزَالَتَه كيفما كانتْ (٣). ولا يَتَفَلَّى، فإنَّ التَّفَلِّى عِبارَةٌ عن إزَالَةِ القَمْلِ، وهو مَمْنُوعٌ منه. ويجوزُ له حَكُّ رَأْسِه، ويَرْفُقُ فى الحَكِّ، كيلا يَقْطَعَ شَعْرًا، أو يَقْتُلَ قَمْلَةً، فإن حَكَّ فرَأى فى يَدِه شَعْرًا، أحْبَبْنَا أن يَفْدِيَهُ احْتِيَاطًا، ولا يَجِبُ عليه حتى يَسْتَيْقِنَ أنَّه قَلَعَهُ. قال بعضُ أصْحابِنا: إنَّما اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فى القَمْلِ الذى فى شَعْرِهِ، فأمَّا ما ألْقاهُ من ظاهِرِ بَدَنِه، فلا فِدْيَةَ فيه.

فصل: فإن خَالَفَ وتَفَلَّى، أو قَتَلَ قَمْلًا، فلا فِدْيَةَ فيه؛ فإنَّ كَعْبَ بن عُجْرَةَ حين حَلَقَ رَأْسَه، قد أذْهَبَ قَمْلًا كَثِيرًا، ولم يَجِبْ عليه لذلك شىءٌ، وإنَّما وَجَبَتِ الفِدْيَةُ بِحَلْقِ الشَّعْرِ، ولأنَّ القَمْلَ لا قِيمَةَ له، فأشْبَهَ البَعُوضَ والبَراغِيثَ، ولأنَّه ليس بِصَيْدٍ، ولا هو مَأْكُولٌ، وحُكِىَ عن ابنِ عمرَ قال: هى أهْوَنُ مَقْتُولٍ. وسُئِلَ ابنُ عَبَّاسٍ، عن مُحْرِمٍ ألْقَى قَمْلَةً، ثم طَلَبَها فلم يَجِدْها. فقال: تِلْكَ ضَالَّةٌ لا تُبتَغَى. وهذا قولُ طاوُسٍ، وسَعِيدِ بن جُبَيْرٍ، وعَطاءٍ، وأبى ثَوْرٍ، وابنِ المُنْذِرِ.


= الحديبية، من كتاب المغازى، وفى: باب قول المريض إنى وجع. . .، من كتاب المرضى، وفى: أول كتاب كفارات الأيمان. صحيح البخارى ٣/ ١٢، ١٣، ١٤، ٥/ ١٦٤، ٧/ ١٥٥، ٨/ ١٧٩. ومسلم، فى: باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٨٦٠، ٨٦١. وأبو داود، فى: باب فى الفدية، من كتاب المناسك. سنن أبى داود ١/ ٤٣٠، ٤٣١. والترمذى، فى: باب ما جاء فى المحرم يحلق رأسه فى إحرامه ما عليه، من أبواب الحج، وفى: باب تفسير سورة البقرة، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذى ٤/ ١٧٧، ١١/ ٩٧، ٩٨. والنسائى، فى: باب فى المحرم يؤذيه القمل فى رأسه، من كتاب المناسك. المجتبى ٥/ ١٥٣، ١٥٤. والإمام أحمد، فى: المسند ٤/ ٢٤١ - ٢٤٤.
(٣) فى الأصل: "كان".

<<  <  ج: ص:  >  >>