للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان عليه عِتْقُ رَقَبَةٍ فى كَفَّارَةٍ، فاشْتَراها، ثم عابَتْ عِنْدَه، لم تُجْزِئْه. وإِنْ قالَ: للَّهِ عَلَىَّ عِتْقُ هذا العَبْدِ. فعابَ، أَجْزَأَ عنه.

فصل: وإذا أَتْلَفَ الأُضْحِيَةَ الواجِبَةَ، فعليه قِيمَتُها؛ لأنَّها من المُتقَوَّماتِ، وتُعْتَبَرُ القِيمةُ يومَ أَتْلَفَها، فإنْ غَلَتِ الغَنَمُ، فصارَ مثلُها خيرًا من قِيمَتِها، فقال أبو الخَطَّاب: يَلْزَمُه مِثْلُها؛ لأنَّه أكثرُ الأَمْرَيْن، ولأنَّه تعلَّقَ بها حَقُّ اللَّهِ تعالى فى ذَبْحِها، فوجَبَ عليه مِثْلُها، كما لو لم تَتَعَيَّبْ، بخلافِ الأجْنَبِىِّ (٦). وهذا مَذْهَبُ الشافِعِىِّ. وظاهِرُ قَوْلِ القاضِى، أنَّه (٧) لا يَلْزَمُه إلَّا الْقِيمَةُ يومَ إتْلافِها. وهو قولُ أبى حَنِيفَةَ؛ لأَنَّه إتْلافٌ أوجَبَ القِيمَةَ، فلم يجِبْ أكثرُ من القِيمَةِ يومَ الإتْلافِ، كما لو أتلَفَها أجنَبِىٌّ، كسائِرِ المضمُوناتِ. فإنْ رَخُصَتِ الغَنَمُ، فزادَتْ قِيمَتُها على مثلِها، مثلَ أَنْ كانَت قيمَتُها عندَ إتْلافِها عشرةً، فصارَت قِيمَةُ مِثْلِها خمسةً، فعليه عشرةٌ، وَجْهًا واحدًا، فإنْ شاءَ اشْتَرَى بها أُضْحِيَةً واحدةً تُساوِى عشرةً، وإِنْ شاءَ اشْتَرَى اثْنَتَيْن، وإِنْ شاءَ اشْتَرَى أُضْحِيَةً واحِدةً، فإنْ فضلَ من العشرةِ ما لا يجىءُ به أُضْحِيَةٌ، اشْتَرَى به شِرْكًا فى بَدَنَةٍ، فإنْ لم يَتَّسِعْ لذلك، أو لم تُمْكِنْه المُشارَكَةُ، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، يشتَرِى (٨) لحما، ويَتَصَدَّقُ به؛ لأنَّ الذَّبْحَ وتَفْرِقَةَ اللَّحْمِ مَقْصُودان، فإذا تَعَذَّرَ أحدُهما وَجَبَ الآخَرُ. والثانِى، يَتَصَدَّقُ بالفَضْلِ؛ لأنَّه إذا لم يحْصُل له التَّقَرُّبُ بإراقَةِ الدَّمِ، كان اللحمُ وثمنُه سواءً. فإنْ كان المُتْلِفُ أجْنَبِيًّا، فعليه قيمَتُها يومَ أتْلَفَها، وَجْهًا واحدًا، ويلزمُه دَفْعُها إلى صاحِبِها، فإنْ زادَ على ثمنِ مثلِها، فحُكْمُه حكمُ ما لو أتلَفَها صاحِبُها، وإِنْ لم تبْلُغِ القِيمةُ ثمنَ أضْحِيَةٍ، فالحُكْمُ فيه على ما مضَى فيما زادَ على ثمنِ الأُضْحِيَةِ فى حَقِّ المُضَحِّى. فإنْ تَلِفَت الأُضْحِيَةُ فى يدِه بغيرٍ تَفْريطٍ، أو سُرِقَتْ، أو ضَلَّتْ، فلا شىءَ عليه؛ لأنَّها أمانَةٌ فى يدِه، فلم يضْمَنها إذا لم يُفرِّطْ، كالوَدِيعَةِ.

فصل: وإن اشْتَرَى أُضْحِيَةً، فلم يُوجِبْها حتى عَلِم بها عَيْبًا، فله رَدُّها إنْ شاءَ، وإِنْ


(٦) فى م: "الآدمى".
(٧) سقط من: ب.
(٨) فى ب زيادة: "به".

<<  <  ج: ص:  >  >>