للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صارَتْ أُخْتَه. وإن أرْضَعَتْ زوجةَ أبِيه بلَبَنِه، حَرَّمَتْها عليه؛ لأنَّها صارت بِنْتَ ابْنِه، ويَرْجِعُ الأبُ على ابْنِه بأقَلِّ الأمْرَينِ ممَّا غَرِمَه (٥٢) لِزَوْجَتِه أو قِيمَتِها؛ لأنَّ ذلك من جِنايةِ أُمِّ وَلَدِه. وإن أرْضَعَتْ واحدةً منهما بغيرِ لَبَنِ سَيِّدها، لم تُحَرِّمْها؛ لأنَّ كل واحدةٍ منهما صارت بِنْتَ أُمِّ وَلَدِه.

١٣٧٤ - مسألة؛ قال: (وَلَوْ تزَوَّجَ بِكَبِيرَةٍ وَصَغِيرَتَيْنِ، فأرْضَعَتِ الْكَبِيرَةُ الصَّغِيرَتَيْنِ، حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْكَبِيرَةُ، وانْفَسَخَ نِكَاحُ الصَّغِيرَتَيْنِ، وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ لِلْكَبِيرَةِ، ويَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ صَداقِ الصَّغِيرَتَيْنِ، وَلَهُ أنْ يَنْكِحَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا)

أمَّا تَحْريمُ الكبيرةِ فلأنَّها صارتْ من أُمَّهات النِّساءِ، وأمَّا انْفِساخُ نِكاحِ الصَّغيرَتَيْنِ، فلأنَّهما صارتا أُخْتَيْنِ، واجْتَمَعَتا في الزَّوْجِيَّةِ، فيَنْفَسِخُ نِكاحُهُما، كما لو ارْتَضَعَتَا (١) معًا، ولا مَهْرَ للكبيرةِ؛ لأنَّ الفَسَادَ جاء من قِبَلِها، ويَرْجِعُ عليها بنِصْفِ صَداقِ الصَّغيرتَيْنِ؛ لأنَّها أفْسَدَتْ نِكاحَهما، وله أن يَنْكِحَ مَنْ شاء منهما؛ لأنَّ انْفِساخَ نكاحِهِما للجَمْعِ، ولا يُوجِبُ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا. وهذا على الرّوايةِ التي قُلْنا: إنَّها إذا أرْضعَتِ الصَّغِيرةَ، اخْتَصَّ الفَسْخُ بالكبيرةِ. فأمَّا على الرِّوايةِ التي تقولُ: يَنْفَسِخُ نِكاحُهُما معًا. فإنَّه يَثْبُتُ نِكاحُ الأخيرةِ من الصَّغيرتَيْنِ؛ لأنَّ الكبيرةَ لمَّا أرْضَعَتِ الأُولَى، انْفَسَخَ نِكاحُهُما، ثم أرْضَعَتِ (٢) الأُخْرَى، فلم تَجتَمِعْ معهما في النِّكاحِ، فلم يَنْفَسِخْ نِكاحُها. فأمَّا إن كان دَخَلَ بالكبيرةِ، حَرُمَتْ، وحَرُمَتِ الصَّغيرتانِ على التَّأْبِيدِ؛ لأنَّهما رَبِيبَتانِ قد دَخَلَ بأُمِّهِما.

فصل: فإن أرْضَعَتِ الصَّغيرتَيْنِ أجْنَبِيَّةٌ، انْفَسَخَ نِكاحُهما أيضًا. وهذا قولُ أبي حنيفةَ والْمُزَنِىِّ، وأحدُ (٣) قَوْلَىِ الشافعىِّ، وقال في الآخرِ: يَنْفَسِخُ نِكاحُ


(٥٢) في ب: "غرم".
(١) في الأصل: "ارتضعا". وفى ب، م: "أرضعتا".
(٢) في ازيادة: "الثانية".
(٣) في أ: "وهو أحد".

<<  <  ج: ص:  >  >>