للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفارقَ ما إذا قتَلَه العادِلُ، لأنَّه قَتَلَه بحقٍّ. وقال قومٌ: إذا تَعَمَّدَ العادِلُ قَتْلَ قَرِيبِه، فقتلَه ابتداءً؛ لم يَرِثْه، وإن قَصَدَ ضَرْبَه، ليصيرَ غيرَ مُمْتَنِعٍ، فجَرَحَه، وماتَ من هذا الضربِ، وَرِثَه؛ لأَنَّه قتلَه بحقٍّ. وهذا قولُ ابن المُنْذِرِ. وقال: هو أقْرَبُ الأقاوِيلِ.

١٥٣٦ - مسألة؛ قال: (وَمَا أَخَذُوا فِي حَالِ امْتِناعِهِم؛ مِنْ زَكَاةٍ، أو خرَاجٍ، لَمْ يُعَدَّ عَلَيْهِمْ)

وجملتُه أنَّ أهلَ البَغْيِ إذا غَلَبُوا على بلدٍ، فجَبَوا الخَرَاجَ والزَّكَاةَ والجِزْيَةَ، وأَقَامُوا (١) الحدودَ، وقعَ ذلك مَوْقِعَهُ، فإذا ظَهَرَ أَهْلُ الْعَدْلِ بعدُ على البلدِ، وظَفِرُوا بأهلِ البَغْيِ، لم يُطالَبُوا بِشَىْءٍ ممَّا جَبَوْهُ، ولم يُرْجَعْ به علَى مَن أُخِذَ منه. رُوِيَ نحوُ هذا عن ابنِ عمرَ، وسَلَمَةَ بنِ الأَكْوَعِ. وهو قولُ الشافِعِيِّ، وأبي ثَوْرٍ، وأصْحابِ الرَّأْيِ. وسواءٌ كان من الخوارجِ أو مِن غيرِهم. وقال أبو عُبَيْدٍ (٢): علَى مَن أخذُوا (٣) مِنه الزَّكَاةَ الإِعادةُ، وإن (٤) أخذَها ممَّنْ لا وِلَايةَ له صَحِيحةٌ، فأشْبَهَ ما لو أخذَها آحَادُ الرَّعِيَّةِ. ولَنا، أنَّ عليًّا، رَضِيَ اللَّه عنه، لمَّا ظَهَرَ على أهلِ البَصْرَةِ، لم يُطَالِبْهم بِشَىْءٍ ممَّا جَبَوْه. وكان ابنُ عُمَرَ إذا أتاه سَاعِي نَجْدَةَ الحَرُورِيِّ، دَفَعَ إليه زَكاتَه (٥). وكذلك سَلَمَةُ بنُ الأكْوَع (٥). ولأنَّ في تَرْكِ الاحْتِسَابِ بها ضَرَرًا عَظِيمًا، وَمَشَقَّةً كَثِيرَةً، فإنَّهم قد يَغْلِبُونَ على البِلادِ السِّنينَ الكَثِيرَةَ، فلو لم يُحْتَسَبْ بما أخَذُوهُ، أَدَّى إلى ثَنَى (٦) الصَّدَقَاتِ في تِلْكَ المُدَّةِ كُلِّها. فإذا ثَبَتَ هذا، فإذا ذَكَرَ أرْبابُ الصَّدَقاتِ أنَّهم قدْ أخَذُوا صدقاتِهم، قُبِلَ قَوْلُهم بِغيرِ يَمِينٍ. قال أحمد: لا يُسْتَحْلَفُ النَّاسُ على صدقاتِهم. وإنِ ادَّعَى أهلُ


(١) في ب: "وإقامة".
(٢) الأموال ٥٧٥. وانظر: إرواء الغليل ٨/ ١١٦.
(٣) في ب: "أخذ".
(٤) في م: "لأنه".
(٥) انظر: الأموال. الموضع السابق. والإرواء. الموضع السابق.
(٦) الثَّنَى: الأمر يعاد مرتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>