للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجملتُه أنَّ المرأةَ إذا أقَرَّت أنَّ (١) زَوْجَها أخُوها من الرَّضاعةِ، فأكْذَبَها، لم يُقْبَلْ قولُها في فَسْخِ النِّكاحِ؛ لأنَّه حَقٌّ عليها، فإن كان قبلَ الدُّخولِ، فلا مَهْرَ لها؛ لأنَّها تُقِرُّ بأنَّها لا تَسْتَحِقُّه، فإن كانتْ قد قَبَضَتْه، لم يكُنْ للزَّوْج أخْذُه منها؛ لأنَّه يُقِرُّ بأنَّه حَقٌّ لها، وإن كان بعدَ الدُّخولِ، فأقَرَّتْ أنَّها كانت عالِمةً بأنَّها أُخْتُه وبتَحْرِيمها (٢) عليه، ومُطَاوِعةً له في الوَطْءِ، فلا مَهْرَ لها أيضًا، لإِقْرارِها بأنَّها زانِيةٌ مُطاوِعةٌ، وإن أنْكَرَتْ شيئًا من ذلك، فلها المَهْرُ؛ لأنَّه وَطْءٌ بشُبْهَةٍ، وهى زَوْجَتُه في ظاهرِ الحُكْمِ؛ لأنَّ قَوْلَها عليه (٣) غيرُ مَقْبُولٍ، فأمَّا فيما (١) بينَها وبينَ اللهِ تعالى، فإن عَلِمَتْ صِحَّةَ ما أقَرَّتْ به، لم يَحِلَّ لها مُساكَنَتُه وتَمْكِينُه من وَطْئِها، وعليها أن تَفِرَّ منه، وتَفْتَدِىَ نَفْسَها بما أمْكَنَها؛ لأنَّ وَطْأَه لها زِنًى، فعليها التَّخَلُّصُ منه مَهْما أمْكَنَها، كما قُلْنا في التي عَلِمَتْ أنَّ زَوْجَها طَلَّقَها ثلاثًا، وجَحَدَها ذلك. وينبغى أن يكونَ الواجبُ لها من المَهْرِ بعدَ الدُّخولِ أقَلَّ الأمْرَيْنِ من المُسَمَّى أو مَهْرِ المِثْلِ؛ لأنَّه إن كان المُسَمَّى أقلَّ، فلا يُقْبَلُ قولُها في وُجُوبِ زائدٍ عليه، وإن كان الأقَلُّ مَهْرَ المثلِ، لم تَسْتَحِقَّ أكثرَ منه؛ لِاعْتِرافِها بأنَّ اسْتِحْقاقَها له بوَطْئِها لا بالعَقْدِ، فلا تَسْتَحِقُّ أكثرَ منه. وإن كان إقرارُها بأخُوَّتِه قبلَ النِّكاحِ, لم يَجُزْ لها نِكاحُه، ولا يُقْبَلُ رُجُوعُها عن إقْرارِها، في ظاهرِ الحُكْمِ؛ لأنَّ إقْرارَها لم يُصادِفْ زَوْجِيّةً عليها يُبْطِلُها، فقُبِلَ إقرارُها على نَفْسِها بتَحْرِيمِه عليها. وكذلك لو أقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّ هذه أخْتُه من الرَّضاعِ، أو مُحَرَّمةٌ عليه برَضاعٍ أو غيرِه، وأمْكَن صِدْقُه، لم يَحِلَّ له تَزَوُّجُها (٤) فيما بعدَ ذلك، في ظاهرِ الحُكْمِ، وأمَّا فيما بينَه وبينَ اللهِ تعالى، فيَنْبَنِى على عِلْمِه بحَقِيقةِ الحالِ، على ما ذكَرْناه.

فصل: وإن ادَّعَى أحدُ الزَّوْجَيْنِ على الآخر، أنَّه أقَرَّ أنَّه (٥) أخُو صاحِبِه من


(١) سقط من: الأصل.
(٢) في الأصل: "وتحريمها".
(٣) سقط من: ب.
(٤) في أ، ب: "تزويجها".
(٥) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>