للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتابُ الحَجْرِ

الحَجْرُ؛ فى اللُّغَةِ: المَنْعُ والتَّضْيِيقُ. ومنه سُمِّىَ الحَرَامُ حِجْرًا، قال تعالى: {وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا} (١). أى حَرَامًا مُحَرَّمًا، ويُسَمَّى العَقْلُ حِجْرًا، قال اللَّه تعالى: {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} (٢). أى عَقْلٍ، سُمِّىَ حِجْرًا؛ لأنَّه يَمْنَعُ صاحِبَه من ارْتِكابِ ما يَقْبُحُ، وتَضُرُّ عَاقِبَتُه، وهو فى الشَّرِيعَةِ: مَنْعُ الإِنسانِ من التَّصَرُّفِ فى مالِه. والحَجْرُ على ضَرْبَيْنِ، حَجْرٌ على الإِنسَانِ لِحَقٍّ لِنَفْسِه، وحَجْرٌ عليه لِحَقِّ غيرِه، [فالحَجْرُ عليه لِحَقِّ غيرِه] (٣)، كالحَجْرِ على المُفْلِسِ، لِحَقِّ غُرَمَائِه، وعلى المَرِيضِ فى التَّبَرُّعِ بِزِيَادِةٍ على الثُّلُثِ، أو التَّبرُّعِ بِشَىْءٍ لِوَارِثٍ لِحَقِّ وَرَثَتِه، وعلى المُكَاتَبِ والعَبْدِ لِحَقِّ سَيِّدِهِما، والرَّاهِنِ يُحْجَرُ عليه فى الرَّهْنِ لِحَقِّ المُرْتَهِنِ، ولِهَؤُلَاءِ أبْوَابٌ يُذْكَرُونَ فيها. وأمَّا المَحْجُورُ عليه لِحَقِّ نَفْسِه، فثَلاثَةٌ؛ الصَّبِىُّ، والمَجْنُونُ، والسَّفِيهُ، وهذا البابُ مُخْتَصٌّ بِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ. والحَجْرُ عليهم [حَجْرٌ عامٌّ؛ لأنَّهم] (٤) يُمْنَعُونَ التَّصَرُّفَ فى أمْوَالِهم وذِمَمِهِم. والأَصْلُ فى الحَجْرِ عليهم قولُ اللهِ تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} (٥). والآيَةُ التى بعدَها. قال سَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ، وعِكْرِمَةُ: هو مالُ اليَتِيمِ عِنْدَكَ، لا تُؤْتِه إيَّاهُ، وأنفِقْ عليه. وإنَّما أضافَ الأمْوَالَ إلى الأَوْلِيَاءِ وهى لِغَيْرِهِم؛ لأنَّهم قُوَّامُها ومُدَبِّرُوها، وقولُه تعالى: {وَابْتَلُوا


(١) سورة الفرقان ٢٢.
(٢) سورة الفجر ٥.
(٣) سقط من: الأصل.
(٤) فى م: "لأنهم حجر عام".
(٥) سورة النساء ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>