للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبلَ الحُكمِ، وقفَ الحُكمُ على حُضورِه، فإن جَرَّحَ (٦) الشُّهودَ، لم يَحْكُم عليه، وإن اسْتَنْظَرَ الحاكمَ، أجَّلَه ثلاثًا، فإن جَرَّحَهم، وإلَّا حَكمَ عليه. وإن ادَّعَى القضاءَ أو الإبْراءَ، فكانتْ له بَيِّنَةٌ به (٧) بَرِئ، وإلَّا حلَفَ المُدَّعِى، وحَكَمَ له، وإن قَدِمَ بعدَ الحُكمِ، فجرَّحَ الشُّهودَ بأمرٍ كان قبلَ الشَّهادةِ، بطَلَ الحكمُ، وإن جرَّحَهم بأمرٍ بعدَ أداءِ الشَّهادةِ أو مُطلقًا، لم يبْطُلِ الحُكمُ، ولم يقْبَلْه الحاكمُ؛ لأنَّه يجوزُ أن يكونَ بعدَ الحُكْمِ، فلا يَقْدَحُ فيه. وإن طلبَ التَّأْجيلَ، أُجِّلَ ثلاثًا، فإن جرَّحَهم، وإلَّا نَفَذَ الحكمُ. وإن ادَّعَى القضاءَ، أو الإبراءَ، فكانت له به بَيِّنَةٌ، وإلَّا حَلَفَ الآخَرُ، ونفَذَ الحُكمُ.

فصل: ولا يُقْضَى على الغائبِ إلَّا في حُقوقِ الآدَمِيِّينَ، فأمَّا في الحُدودِ التى للهِ تعالى، فلا يُقْضَى بها عليه؛ لأنَّ مَبْناها على المُسَاهَلَةِ والإسْقاطِ، فإن قامَتْ بَيِّنَةٌ على غائبٍ بسَرِقةِ مالٍ، حُكِمَ بالمالِ دُونَ القَطْعِ.

فصل: وإذا قامتِ البَيِّنةُ على غائبٍ، أو غيرِ مُكلَّفٍ، كالصَّبىِّ والمجنونِ، لم يُسْتَحْلَفِ المُدَّعِى مع بَيِّنتِه، في أشْهَرِ الرِّوايتَيْنِ؛ لقولِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "البَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِى، والْيَمِينُ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ" (٨). ولأنَّها بَيِّنةٌ عادِلةٌ، فلم تجبِ اليَمِينُ معها، كما لو كانتْ على حاضرٍ. والرِّوايةُ الثانية، يُسْتَحْلَفُ معها. وهو قولُ الشَّافعىِّ؛ لأنَّه يجوزُ أن يكونَ اسْتَوْفَى ما قامَتْ به البَيِّنةُ، أو مَلَّكَه العَيْنَ التى قامتْ بها البَيِّنةُ، ولو كان حاضرًا فادَّعَى ذلك، لَوجبَتِ اليمينُ، فإذا تعذَّرَ ذلك منه لغَيْبَتِه، أو عَدَمِ تكْليفِه، يجبُ أن يقومَ الحاكمُ مَقامَه فيما يُمْكِنُ دَعْواه، ولأنَّ الحاكمَ مأمورٌ بالاحْتياطِ في حقِّ الصَّبِىِّ والمجنونِ والغائبِ، لأنَّ كلَّ واحدٍ منهم لا يُعبِّرُ عن نفسِه، وهذا من الاحْتياطِ.

فصل: ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ (٩)، أنَّه إذا قُضِىَ على الغائبِ بعَيْنٍ، سُلِّمتْ إلى


(٦) في ب، م: "خرج".
(٧) سقط من: م.
(٨) تقدم تخريجه، في: ٦/ ٥٨٧، وانظر: ٦/ ٥٢٥، ١٠/ ٥٣٠.
(٩) في ب: "أحمد".

<<  <  ج: ص:  >  >>