للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفَرِيقَيْنِ لا يَتِمُّ عَدَدُها بالفَرِيقِ الآخَرِ، ولا تَلْزَمُهُم الجُمُعَةُ بكَمَالِ العِدَّةِ بالفَرِيقِ الآخَر، وإنَّما يَلْزَمُهم السَّعْىُ إذا لم يكنْ جُمُعَةً، فهم كأهْلِ [المَحَلَّةِ القَرِيبَةِ من المِصْرِ] (١٢).

٢٩٢ - مسألة؛ قال: (ولا جُمُعَةَ عَلَى مُسَافِرٍ، وَلَا عَبْدٍ، وَلَا امْرَأَةٍ)

وعن أبي عبدِ اللهِ، رَحِمَهُ اللهُ، في العَبْدِ رِوَايتانِ: إحْدَاهما، أنَّ الجُمُعَةَ عليه وَاجِبَةٌ. والرِّوَايَةُ الأُخْرَى ليستْ عليه بوَاجِبَةٍ. أمَّا المَرْأَةُ فلا خِلافَ في أنَّها لا جُمُعَةَ عليها. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كُلُّ من نَحْفَظُ عنه من أهْلِ العِلْمِ أنْ لا جُمُعَةَ على النِّساءِ. ولأنَّ المَرْأَةَ ليستْ من أهْلِ الحُضُورِ في مَجامِعِ الرِّجالِ، ولذلك لا تَجِبُ عليها جَماعةٌ. وأمَّا المُسَافِرُ فأَكثرُ أهْلِ العِلْمِ يَرَوْنَ أنَّه لا جُمُعَةَ عليه كذلك. قالَه مالِكٌ في أهْلِ المَدِينَةِ، والثَّوْرِىُّ في أهْلِ العِرَاقِ، والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ. وَرُوِىَ ذلك عن عَطَاءٍ، وعمرَ بن عبدِ العزيزِ، والحسنِ، والشَّعْبِىِّ. وحُكِىَ عن الزُّهْرِىِّ، والنَّخَعِىِّ، أنَّها تَجِبُ عليه؛ لأنَّ الجَمَاعَةَ تَجِبُ عليه، فالجُمُعَةُ أوْلَى. ولَنا، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُسَافِرُ فلا يُصَلِّى الجُمُعَةَ في سَفَرِه، وكان في حَجَّةِ الوَدَاعِ بِعَرَفَةَ يومَ جُمُعَةٍ، فصَلَّى الظُّهْرَ والعَصْرَ، وجَمَعَ بينهما، ولم يُصَلِّ جُمُعَةً، والخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ، رَضِىَ اللهُ عنهم، كانُوا يُسَافِرُونَ للحَجِّ (١) وغيرِه، فلم يُصَلِّ أحَدٌ منهم الجُمُعَةَ في سَفَرِه، وكذلك غيرُهم من أصْحابِ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ومَن بَعْدَهم. وقد قال إبراهيمُ: كانوا يُقِيمُونَ بالرّىِّ السَّنَةَ وأكْثَرَ من ذلك، وبِسجِسْتَانَ السِّنِينَ. لا يُجَمِّعُونَ ولا يُشَرِّقُونَ. وعن الحسنِ عن عبدِ الرحمنِ بن سَمُرَةَ قال: أقَمْتُ معه سَنَتَيْن (٢) بكَابُلَ، يَقْصُرُ


(١٢) في الأصل: "الحلة القريبة في المصر".
(١) في م: "في الحج".
(٢) في أ، م: "سنين".

<<  <  ج: ص:  >  >>