للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَتَقَتْ. وإن كان المُكاتَبُ قد خَلَّفَ وَفاءً، وقُلْنا: إِنَّ الكِتابةَ تَنْفَسِخُ بمَوْتِه. فالحُكْمُ كذلك. وإن قُلْنا: لا تَنْفَسِخُ بمَوْتِه (٢١). فله القِيمَةُ على سَيِّدِه، تُصْرَفُ إلى وَرَثَتِه، كما لو كانت الجِنايةُ على بعضِ أطْرافِه فى حياتِه. فإن كان الوَفاءُ يَحْصُلُ بإيجابِ القِيمَةِ، ولا يَحْصُلُ بدُونِها، وجَبَتْ، كما لو خَلَّفَ وَفاءً؛ لأنَّ دِيَةَ المَقْتُولِ كتَركِتِه، فى قَضاءِ دُيُونِه منها، وانْصِرافِها إلى وُرَّاثِه (٢٢) بينَهم على فَرائضِ اللَّه تعالى. ولا فَرْقَ، فيما ذكَرْنا، بين أَنْ يُخَلِّفَ وارِثًا (٢٣) أو لا يُخَلِّفَ وارِثًا. وذَكَرَ القاضى، أنَّه إذا لم يُخَلِّفْ وارِثًا سِوَى سَيِّدِه، لم تَجِبِ القِيمَةُ عليه بحالٍ. ولَنا، أَنَّ مَنْ لا وارِثَ له، يُصْرَفُ مالُه إلى المسلمينَ، ولا حَقَّ لسَيِّدِه فيه؛ لأنَّ صَرْفَه إلى سَيِّدِه بطَرِيقِ الإِرْثِ، والقاتِلُ لا مِيراثَ له. وإن كان القاتلُ أجْنَبِيًّا، وجَبَتِ القِيمَةُ لسَيِّدِه، إِلَّا فى المَوْضِعِ الذى لا تَنْفَسِخُ الكِتابةُ، فإنَّها تَجِبُ لوَرَثَتِه. واللَّهُ أعلمُ.

١٩٨٣ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ، كَانَ الْعَبْدُ عَلَى كِتَابَتِهِ، وَمَا أَدَّى فَبَيْنَ وَرَثَةِ سَيِّدهِ، مَقْسُومًا كَالْمِيرَاثِ)

وجملةُ ذلك أَنَّ الكِتابةَ لا تَنْفَسِخُ بمَوْتِ السَّيِّدِ، لا نعلمُ فيه بين أهلِ العلمِ خِلافًا؛ وذلك لأَنَّه عَقْدٌ لازِمٌ من جِهَتِه، لا سَبِيلَ إلى فَسْخِه، فلم يَنْفَسِخْ بمَوْتِه، كالبيعِ والإِجارةِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإِنَّ المُكاتَبَ يُؤَدِّى نُجُومَه، وما بَقِىَ منها، إلى ورَثَتِه؛ لأَنَّه دَيْنٌ لمَوْرُوثِهِم، ويكونُ مَقْسُومًا بينَهم على قَدْرِ مَوارِيثِهم، كسائرِ دُيُونِه؛ فإنْ كان له أولادٌ ذُكورٌ وإناثٌ، فللذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ. ولا يَعْتِقُ حتى يُودِّىَ إلى كلِّ ذِى حَقٍّ حَقَّه، فإن أدَّى إلى بعضِهِم دونْ بعض، لم يَعْتِقْ، كما لو كان بينَ شُرَكَاءَ، فأدَّى إلى بعضِهم، فإنْ كان بعضُهم غائِبًا، وكان له وَكِيلٌ، دَفَعَ نَصِيبَه إلى وكِيله، وإِنْ لم يكُنْ له وكيلٌ، دَفَعَ نَصيبَه إلى الحاكمِ، وعَتَقَ. وإن كان مُوَلَّيًا عليه، دَفَعَ نَصِيبَه إلى وَلِيِّه؛ إمَّا ابْنِه أو وَصِيِّه أو الحاكمِ أو أمِينه. فإن كان له وَصِيَّانِ، لم يَبْرَأْ إِلَّا بالدَّفعِ إليهما معًا. وإن كان


(٢١) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٢٢) فى ب: "وارثه".
(٢٣) فى م: "توارثا".

<<  <  ج: ص:  >  >>