للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يكونَ، ففى صِحَّةِ المُسَاقاةِ وَجْهانِ؛ أحدهما، تَصِحُّ؛ لأنَّ الشَّجَرَ يَحْتَمِلُ أن يَحْمِلَ، ويَحْتَمِلُ أن لا يَحْمِلَ، والمُسَاقاةُ جائِزَةٌ فيه. والثانى، لا يَصِحُّ؛ لأنَّه عَقْدٌ على مَعْدُومٍ، ليس الغالِبُ وُجُودَه، فلم تَصِحَّ، كالسَّلَمِ في مثلِ ذلك، ولأنَّ ذلك غَرَرٌ أمْكَنَ التَّحَرُّزُ عنه، فلم يَجُزِ العَقْدُ معه، كما لو شَرَطَ ثَمَرَ نَخْلَةٍ بِعَيْنِها. وفارَقَ ما إذا شَرَطَ مُدَّةً تَكْمُلُ فيها الثَّمرَةُ، فإنَّ الغالِبَ أنَّ الشَّجَرَ يَحْمِلُ، واحْتِمالُ أن لا يَحْمِلَ نَادِرٌ، لم يُمْكِنِ التَّحَرُّزُ عنه. فإن قُلْنا (٦١): العَقْدُ صَحِيحٌ. فله حِصَّتُه من الثّمَرِ. فإن لم يَحْمِلْ، فلا شىءَ له. وإن قُلْنا: هو فاسِدٌ. إسْتَحَقَّ أجْرَ المِثْلِ، سواءٌ حَمَلَ أو لم يَحْمِلْ؛ لأنَّه لم يَرْضَ بغيرِ عِوَضٍ، ولم يُسَلَّمْ له العِوَضُ، فكان له العِوَضُ (٦١)، وَجْهًا واحِدًا، بخِلَافِ ما لو جَعَلَ الأَجَل إلى مُدَّةٍ لا يَحْمِلُ في (٦١) مِثْلِها غالِبًا. ومتى خَرَجَتِ الثّمرَةُ قبلَ انْقِضاءِ الأجَلِ، فله حَقُّه منها إذا قُلْنا بِصِحَّةِ العَقْدِ، وإن خَرَجَتْ بعدَه، فلا حَقَّ له فيها. ومذهبُ الشّافِعِىِّ في هذا قَرِيبٌ ممَّا ذَكَرْنا.

فصل: ولا يَثْبُتُ في المُسَاقاةِ خِيَارُ الشَّرْطِ؛ لأنَّها إن كانتْ جائِزَةً. فالجائِزُ مُسْتَغْنٍ بِنَفْسِه عن الخِيَارِ فيه، وإن كانت لازِمةً، فإذا فَسَخَ لم يُمْكِنْ رَدُّ المَعْقُودِ عليه، وهو العَمَلُ فيها. وأمَّا خِيَارُ المَجْلِسِ فلا يَثْبُتُ إن كانت جائِزَةً؛ لما تَقَدَّمَ. وإن كانت لازِمَةً، فعلى وَجْهَيْنِ؛ أحَدهما، لا يَثْبُتُ؛ لأنَّها (٦٢) عَقْدٌ لا يُشْتَرَطُ فيه قَبْضُ العِوَضِ، ولا يَثْبُتُ فيه خِيَارُ الشَّرْطِ، فلا يَثْبُتُ فيه خِيَارُ المَجْلِسِ، كالنِّكَاحِ. والثانى، يَثْبُتُ؛ لأنَّه عَقْدٌ لازِمٌ يُقْصَدُ به المالُ، أشْبَهَ البَيْعَ.

فصل: ومتى قُلْنا بِجَوَازِها، لم يَفْتَقِرْ إلى ضَرْبِ مُدَّةٍ؛ لأنَّ إبْقَاءَها إليهما، وفَسْخَها جائِزٌ لكلِّ واحدٍ منهما متى شاءَ، فلم تَحْتَجْ إلى مُدَّةٍ، كالمُضَارَبةِ. وإن قَدَّرَها بمُدَّةٍ،


(٦١) سقط من: الأصل.
(٦٢) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>