للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ضِيافَةَ يوِمٍ وليلةٍ، وأنْ يُصْلِحُوا الْقناطِرَ، وإِنْ قُتِلَ رجلٌ من المسلمين بأرْضِهم فعليهم دِيَتُه (٣٦). قال ابنُ المُنْذِرِ: ورُوِىَ عن عمرَ، أنَّه قَضَى على أهلِ الذِّمَّةِ ضِيافَةَ مَنْ يَمُرُّ بهم من المسلمين ثلاثةَ أيامٍ، وعَلَفَ دَوابِّهم، وما يُصْلِحُهم (٣٧). ورُوىَ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ضرَب على نَصارَى أيْلَةَ (٣٨) ثلاثَمائةِ دينارٍ، وكانوا ثلاثَمائةِ نَفْسٍ، فى كلِّ سنةٍ، وأنْ يُضِيفُوا مَنْ مَرَّ (٣٩) بهم من المسلمين ثلاثةَ أيامٍ (٤٠). ولأنَّ فى هذا ضَرْبًا من المَصْلَحَةِ؛ لأنَّهم ربما امْتَنَعُوا من مُبايَعَةِ المسلمين إضْرارًا بهم، فإذا شُرِطَتْ عليهم الضِّيافَةُ، أُمِنَ ذلك، وإِنْ لم تُشْترَطِ الضِّيافَةُ عليهم، لم تجبْ. ذكرَه القاضِى. وهو مذهبُ الشافِعِىِّ. ومن أصحابنا من قال (٤١): تجِبُ بغيرِ شَرْطٍ؛ كوُجُوبِها (٤٢) على المسلمين. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّه أداءُ مالٍ، فلم يَجِبْ بِغَيْر رِضَاهم، كالجِزْيَةِ. فإن شَرَطَها عليهم، فامْتَنَعُوا من قَبُولِها، لم تُعْقَدْ لهم الذِّمّةُ. وقال الشافعىُّ: لا يجوزُ قِتالُهم عليها. ولَنا، أنَّه شَرْطٌ سائِغٌ، امْتَنَعُوا من قَبُولِه، فقُوتِلُوا عليه، كالجِزْيَةِ.

فصل: ذكرَ القاضِى، أنَّه إذا شَرَطَ الضيافَةَ، فإنَّه يُبَيِّنُ أيَّامَ الضِّيافَةِ، وعدَدَ مَنْ يُضافُ من الرَّجَّالَةِ والفُرْسانِ؛ فيقول: تُضِيفُون فى كلِّ سنةٍ مائةَ يومٍ، [كلَّ يوِمٍ] (٤٣) عشرةً من المسلمين، من خُبْزِ كذا، وأُدْمِ كذا، وللفَرَسِ من التِّبْنِ كذا، ومن الشَّعِيرِ كذا. فإنْ شَرَطَ الضِّيافةَ مطْلَقًا، صَحَّ فى الظاهِرِ؛ لأنَّ عمَرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، شَرَطَ عليهمِ ضِيافَةَ مَنْ يَمُرُّ بهم من المُسْلِمين، من غيرِ عَدَدٍ ولا تَقْديرٍ. قال أبو بكر: وإذا (٤٤) أَطْلَقَ مُدَّةَ


(٣٦) أخرجه البيهقى، فى: باب الضيافة فى الصلح، من كتاب الجزية. السنن الكبرى ٩/ ١٩٦.
(٣٧) أخرجه البيهقى، فى: باب الضيافة فى الصلح، من كتاب الجزية. السنن الكبرى ٩/ ١٩٦. وعبد الرزاق، فى: باب الجزية، من كتاب أهل الكتاب. المصنف ٨٥/ ٦، ٨٦، ٨٧، ٨٨. ولم يرد فيهما ذكر علف الدابة وما يصلحهم. وورد ذكر علف الدواب، فى: الأموال ١٤٥.
(٣٨) أيلة: مدينة على ساحل بحز القلزم. مما يلى الشام. معجم البلدان ١/ ٤٢٢.
(٣٩) فى ب: "يمر".
(٤٠) أخرجه البيهقى، فى: باب كم الجزية؟ ، من كتاب الجزية. السنن الكبرى ٩/ ١٩٥.
(٤١) سقط من: م.
(٤٢) فى أ، ب، م: "لوجوبها".
(٤٣) سقط من: م. نقل نظر.
(٤٤) سقطت الواو من: ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>