للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأعْوَزَ أهْلُ المَدِينَةِ من التَّمْرِ، فأعْطَى شَعِيرًا. ولأنَّ التَّمْرَ فيه قُوتٌ (٧) وحَلَاوَةٌ، وهو أقْرَبُ تَنَاوُلًا، وأَقَلُّ كُلْفَةً، فكان أوْلَى.

فصل: والأفْضَلُ بعدَ التَّمْرِ البُرُّ. وقال بعضُ أصْحابِنا: الأفْضَلُ بعدَه الزَّبِيبُ؛ لأنَّه أقْرَبُ تَنَاوُلًا وأقَلُّ كُلْفَةً فأشْبَه التَّمْرَ. ولَنا، أنَّ البُرَّ أنْفَعُ فى الاقْتِياتِ، وأبْلَغُ فى دَفْعِ حاجةِ الفَقِيرِ. وكذلك قال أبو مِجْلَزٍ لابنِ عمرَ: البُرُّ أفْضَلُ من التَّمْرِ. يعنى أنْفَعُ وأكْثَرُ قِيمَةً. ولم يُنْكِرْهُ ابنُ عمرَ، وإنَّما عَدَلَ عنه اتِّبَاعًا لأصْحابِه، وسُلُوكًا لِطَرِيقَتِهم. ولهذا عدَل نِصْفَ صَاعٍ منه بِصَاعٍ من غيرِه. وقال مُعَاوِيَةُ: إنِّى لأرَى مُدَّيْنِ مِن سَمْراءِ الشَّامِ يَعْدِلُ صَاعًا من التَّمْرِ. فأخَذَ الناسُ به، وتَفْضِيلُ التَّمْرِ إنَّما كان لاتِّبَاعِ الصَّحَابةِ، ففيما عدَاهُ يَبْقَى على مُقْتَضَى الدَّلِيلِ فى تَفْضِيلِ البُرِّ. ويَحْتَمِلُ أن يكونَ الأفْضَلُ بعدَ التَّمْرِ ما كان أعْلَى قِيمَةً وأكْثَرَ نَفْعًا.

٤٧١ - مسألة؛ قال: (ومَنْ قَدرَ عَلَى التَّمْرِ، أو الزَّبِيبِ، أو الْبُرِّ، أو الشَّعِيرِ، أو الْأَقِطِ، فأخْرَجَ غَيْره لم يُجْزِهِ)

ظاهِرُ المذهبِ أنَّه لا يجوزُ له العُدُولُ عن هذه الأصْنافِ، مع القُدْرَةِ عليها، سَوَاءٌ كان المَعْدُولُ إليه قُوتَ بَلَدِه أو لم يَكُنْ. وقال أبو بكرٍ: يَتَوَجَّهُ قَوْلٌ آخَرُ، أنَّه يُعْطِى ما قَامَ مَقَامَ (١) الخَمْسَةِ، علَى ظاهِرِ الحَدِيثِ، صَاعًا من طَعَامٍ، والطَّعَامُ قد يكونُ البُرَّ والشَّعِيرَ وما دَخَلَ فى الكَيْلِ. قال: وكِلَا القَوْلَيْنِ مُحْتَمِلٌ، وأقْيَسُهما أنَّه لا يجوزُ غيرُ الخَمْسَةِ، إلَّا أنْ يَعْدَمَها، فيُعْطِىَ ما قامَ مَقَامَها. وقال مالِكٌ: يُخْرِجُ مِن غالِبِ قُوتِ البَلَدِ. وقال الشَّافِعِىُّ: أىُّ قُوتٍ كان الأَغْلَبَ على الرَّجُلِ، أدَّى الرَّجُلُ (٢) زَكَاةَ الفِطْرِ منه. واخْتَلَفَ أصْحَابُه، فمنهم مَن قال بقولِ


(٧) فى ب، م: "قوة".
(١) فى م زيادة: "من".
(٢) سقط من: الأصل، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>