للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القُوتِ إلى الإِطْعامِ في الكَفَّارَةِ، وفي الكُسْوةِ إلى أقَلِّ مَلْبُوسِ مثلِه. قال أحمدُ: إذا تَشَاحَّا في الطَّعَامِ، يُحْكَمُ له بِمُدٍّ كلَّ يومٍ. ذَهَبَ به إلى ظاهِرِ ما أمَرَ اللهُ تعالى من إطْعامِ المَسَاكِينِ، فَفسَّرَتْ ذلك السُّنَّةُ بأنَّه مُدٌّ لكلِّ مِسْكِينٍ. ولأنَّ الإِطْعامَ مُطْلَقٌ في المَوْضِعَيْنِ، فما فُسِّرَ به أحَدُهما يُفَسَّرُ به الآخَر. وليس له إطْعامُ الأجِيرِ إلَّا ما يُوَافِقُه من الأَغْذِيةِ؛ لأنَّ عليه ضَرَرًا، ولا يمكنُه اسْتِيفَاءُ الواجِبِ له منه.

فصل: وإن شَرَطَ الأجِيرُ كُسْوَةً ونَفَقَةً مَعْلُومةً مَوْصُوفةً، كما يُوصَفُ في السَّلَمِ، جازَ ذلك عندَ الجَمِيع. وإن لم يَشْتَرِطْ طَعَامًا ولا كُسْوةً، فنَفَقَتُه وكُسْوَتُه على نَفْسِه. وكذلك الظِّئْرُ. قال ابنُ المُنْذِرِ: لا أعْلَمُ عن أحدٍ خِلَافًا فيما ذَكَرْتُ. وإن شَرَطَ لِلأجِيرِ طَعَامَ غيرِه وكُسْوَتَه مَوْصُوفًا، جَازَ؛ لأنَّه مَعْلُومٌ، أشْبَهَ ما لو شَرَطَ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً، ويكونُ ذلك للأجِيرِ، إن شاءَ أطْعَمَه، وإن شاءَ تَرَكَه. وإن لم يكُنْ مَوْصُوفًا، لم يَجُزْ؛ لأنَّ ذلك مَجْهُولٌ، احْتَمَلَ فيما إذا [شَرَطَه للأجِيرِ] (١٣) للحاجةِ إليه، وجَرَتِ العادَةُ به، فلا يَلْزَمُه احْتِمالُها مع عَدَمِ ذلك. ولو اسْتَأجَرَ دَابّةً بِعَلَفِها، أو بأجْرٍ مُسَمًّى وعَلَفِها، لم يَجُزْ؛ لأنَّه مَجْهُولٌ، ولا عُرْفَ له يَرْجِعُ إليه، ولا نَعْلَمُ أحدًا قال بِجَوَازِه، إلَّا أن يَشْتَرِطَه مَوْصُوفًا، فيَجُوزُ.

فصل: وإن اسْتَغْنَى الأجِيرُ عن طَعَامِ المُؤْجِرِ بطعَامِ نَفْسِه، أو غيرِه، أو عَجَزَ عن الأكْلِ لِمَرَضٍ أو غيرِه، لم تَسْقُطْ نَفَقَتُه، وكان له المُطَالَبةُ بها؛ لأنَّها عِوَضٌ، فلا تَسْقُطُ بالغِنَى عنه، كالدَّرَاهِم. وإن احْتاجَ لِدَواءٍ لِمَرَضِه، لم يَلْزَمِ المُسْتَأْجِرَ ذلك؛ لأنَّه لم يَشْرُطْ له الإِطْعَامَ إلَّا صَحِيحًا، لكنْ يَلْزَمُه له بِقَدْرِ طَعَامِ الصَّحِيحِ يَشْتَرِى له الأجيرُ به (١٤) ما يَصْلُحُ له (١٤)؛ لأنَّ ما زادَ على طَعَامِ الصَّحِيحِ لم يَقَعِ العَقْدُ عليه، فلا يُلْزَمُ به، كالزَّائِدِ في القَدْرِ.


(١٣) في الأصل: "شرط الأجر".
(١٤) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>