للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقولِ عِكْرِمَةَ، فقال: كَذَبَ، قال (١١) عبدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ: ما بِعْتَ من شىءٍ مِمَّا يُكالُ بمِكْيالٍ، فلا تَأْخُذْ منه شَيْئًا مِمَّا يُكَالُ بمِكْيَالٍ، إلَّا وَرِقًا أو ذَهَبًا، فإذا أخذْتَ وَرِقَكَ، فَابْتَعْ مِمَّن شِئْتَ منه، أو مِن غيرِه. فرَجَعْتُ، فإذا عِكْرِمَةُ قد طَلَبَنِي، فقال: الذى قلتُ لك هو حَلالٌ هو حَرامٌ. فقلتُ لسعيدِ بنِ المُسَيَّبِ: إن فَضَلَ لى عندَه فَضْلٌ؟ قال: فأَعْطِه أنت الكَسْرَ، وخُذْ منه الدِّرهمَ. ووجهُ ذلك، أنَّه ذَرِيعَةٌ إلى بَيْعِ الطَّعَامِ بالطَّعَامِ نَسِيئَةً، فحَرُمَ، كمَسْأَلَةِ العِينَةِ، فعلى هذا، كُلُّ شَيْئَينِ حَرُمَ النَّساءُ فيهما، لا يجوزُ أن يُؤْخَذَ أحدُهما عِوَضًا عن الآخَرِ قبلَ قَبْضِ ثَمَنِه، إذا كان البَيْعُ نَسَاءً. نَصَّ أحمدُ على ما يَدُلُّ على هذا. وكذلك قال سَعِيدُ ابن المُسَيَّبِ، فيما حَكَيْنا عنه. والذى يَقْوَى عندى جَوازُ ذلك إذا لم يَفْعَلْه حِيلَةً، ولا قَصَدَ ذلك في ابْتِداءِ العَقْد، كما قال علىُّ بن الحسينِ، فيما يَرْوِى عنه عبدُ اللَّه ابن زَيْدٍ قال: قَدِمْتُ على عليِّ بنِ الحسينِ، فقلتُ له: إنِّي أجُذُّ نخلِي، وأبِيعُ مِمَّن حَضَرَنِي التَّمْرَ إلى أجلٍ، فيَقْدَمُونَ بالحِنْطَةِ، وقد حَلَّ ذلك الأجَلُ، فيُوقِفونَها بالسُّوقِ، فأبْتاعُ منهم وأُقَاصُّهُم. قال: لا بَأْسَ بذلك، إذا لم يكُنْ منك على رَأْىٍ. وذلك لأنَّه اشْتَرَى الطَّعامَ بالدراهمِ التى في الذِّمَّةِ بعد انْبِرَامِ (١٢) العَقْدِ أَوَّلَ لُزُومِه، فصَحَّ، كما لو كان المَبِيعُ الأولُ حَيَوانًا أو ثِيَابًا، ولِمَا ذَكَرْنا في الفَصْلِ الذى قبلَ هذا، فإنَّه لم يَأْخُذْ بالثَّمنِ طَعَامًا، ولكن اشْتَرَى من المُشْتَرِى طَعَامًا بِدَراهِمَ، وسَلَّمَها إليه، ثم أخَذَها منه وَفاءً، أو لم يُسَلِّمْها إليه، لكن قَاصَّهُ بها، كما في حَدِيثِ عليِّ بنِ الحسينِ.

٧٥٠ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ بَاعَ حَيَوانًا، أوْ غَيْرَهُ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، لَمْ يَبْرَأْ، سَوَاءٌ عَلِمَ بِهِ البَائِعُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ)

اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عن أحمدَ في البَرَاءَةِ من العُيُوبِ، فرُوِىَ عنه: أنَّه لا يَبْرأُ، إلَّا


(١١) سقط من: الأصل.
(١٢) في م: "انبرامه".

<<  <  ج: ص:  >  >>