للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به مَعِيبًا. وإن فَعَلَهُ بعد عِلْمِهِ بِعَيْبِهِ، بَطَلَ خِيارُه فى قول عامَّةِ أهْلِ العِلْمِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: كان (٢) الحَسَنُ، وشُرَيْحٌ، وعبدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ (٣)، وابنُ أبى لَيْلَى، والثَّوْرِىُّ، وإسْحاقُ (٤)، وأصحابُ الرَّأْى، يقولونَ: إذا اشْتَرَى سِلْعَةً، فعَرَضَها على البَيْعِ، لَزِمَتْه. وهذا قولُ الشَّافِعِىِّ. ولا أعْلَمُ فيه مُخالِفًا (٥). فأمَّا الأَرْشُ، فقال ابنُ أبى موسى: لا يَسْتَحِقُّه أيضًا. وقد ذَكَرْنا أنَّ قِياسَ المذهبِ اسْتِحْقاقُ الأَرْشِ. قال أحمدُ: أنا أقول: إذا اسْتَخْدَمَ العَبْدَ، وأرادَ نُقْصانَ العَيْبِ، فله ذلك، فأمَّا إن احْتَلَبَ اللَّبَنَ الحادِثَ بعد العَقْدِ، لم يَسْقُطْ رَدُّه؛ لأنَّ اللَّبَنَ له، فَملَكَ اسْتِيفاءَه من المَبيعِ الذى يُرِيدُ رَدَّه. وكذلك إن رَكِبَ الدَّابَّةَ لِيَنْظُرَ سَيْرَها، أو لِيَسْقِيَها، أو لِيَرُدَّها على بائِعِها. وإن اسْتَخْدَمَ الأمَةَ لِيَخْتَبِرَها، أو لَبِسَ القَمِيصَ لِيَعْرِفَ قَدْرَه، لم يَسْقُطْ خِيارُه؛ لأنَّ ذلك ليس بِرِضًا بالمَبِيعِ، ولهذا لا يَسْقُطُ به خِيارُ الشَّرْطِ. وإن اسْتِخْدَمَها لغيرِ ذلك اسْتِخْدامًا كَثِيرًا، بَطَلَ رَدُّه، [وإنْ كان يَسِيرًا (٦) لا يَخْتَصُّ المِلْكَ، لم يَبْطُلِ الخِيارُ. قيلَ لأَحمدَ: إنَّ هؤلاءِ يقولونَ: إذا اشْتَرَى عَبْدًا، فوَجَدَهُ مَعِيبًا، فَاسْتَخْدَمَه بأن يقولَ: نَاوِلْنِى هذا الثَّوْبَ. يَعْنِى بَطَلَ خِيارُه. فأنْكَرَ ذلك، وقال: مَنْ قال هذا؟ أو مِن أينَ أخَذوا هذا؟ ليس هذا بِرِضًى حتى يكونَ شىءٌ يَبينُ. وقد نُقِلَ عنه فى بُطْلانِ [خيارِ الشَّرْطِ] (٧) بالاسْتِخْدام رِوايَتانِ. وكذلك يُخَرَّجُ هاهُنا.

فصل: وإن أَبَقَ العَبْدُ، ثم عَلِمَ عَيْبَه، فله أخْذُ أَرْشِه. فإن أخَذَهُ ثم قَدَرَ على


(٢) فى م: "وكان".
(٣) عبد اللَّه بن حسن بن حسن بن على بن أبى طالب الهاشمى المدنى، أمه فاطمة بنت الحسين بن على، وكان ثقة. تهذيب التهذيب ٥/ ١٨٦، ١٨٧.
(٤) سقط من: "م".
(٥) فى م: "خلافا".
(٦) فى م: "فإن كانت يسيرة".
(٧) فى م: "الخيار".

<<  <  ج: ص:  >  >>