للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُعْظَمَها، ولم يَفُتْه إلَّا القِيامُ، وقد حَصَلَ منه ما يُجْزِئُ في تَكْبِيرَةِ الإِحْرامِ. فأمَّا المَسْبُوقُ إذا أدْرَكَ الإِمَامَ بعد تَكْبِيرِه، فقال ابنُ عَقِيلٍ: يُكَبِّرُ؛ لأنَّه أدْرَكَ مَحَلَّه. ويَحْتَمِلُ أن لا يُكَبِّرَ؛ لأنه مَأْمُورٌ بالإِنْصَاتِ إلى قِراءةِ الإِمامِ. ويَحْتَمِلُ أنَّه إنْ كان يَسْمَعُ قِرَاءةَ الإِمامِ أَنْصَتَ، وإن كان بَعِيدًا كَبَّرَ.

فصل: وإذا شَكَّ في عَدَدِ التَّكْبِيرَاتِ بَنَى على اليَقِينِ، فإنْ كَبَّرَ ثم شَكَّ هل نَوَى الإِحْرامَ أوْ لا، ابْتَدَأَ الصلاةَ هو ومَن خَلْفَه؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُ النِّيَّةِ، إلَّا أن يكونَ وَسْوَاسًا، فلا يلْتَفِتْ إليه. وسَائِرُ المَسْأَلَةِ قد سَبَقَ شَرْحُها.

٣٠٨ - مسألة؛ قال: (فإذا سَلَّمَ خَطَبَ بهم خُطْبَتَيْنِ، يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا، فَإنْ كَانَ فِطْرًا حَضَّهُمْ عَلَى الصَّدقَةِ، وبَيَّنَ لَهُمْ ما يُخرِجُونَ، وإنْ كَانَ أَضْحَى يُرَغِّبُهُم في الْأُضْحِيَةِ، ويُبَيِّنُ لَهُمْ ما يُضَحَّى بِهِ)

وجُمْلَتُه أنَّ خُطْبَتَىِ العِيدَيْنِ بعد الصلاةِ، لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا بين المُسْلِمِينَ، إلَّا عن بَنِى أُمَيَّةَ. وَرُوِىَ عن عثْمَانَ، وابنِ الزُّبَيْرِ، أنَّهما فَعَلَاهُ، ولم يَصِحَّ ذلك عنهما، ولا يُعْتَدُّ بِخِلَافِ بَنِى أُمَيَّةَ؛ لأنَّه مَسْبُوقٌ بالإِجْماعِ الذي كان قبلَهم، ومُخَالِفٌ لِسُنَّةِ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الصَّحِيحَة، وقد أُنْكِرَ عليهم فِعْلُهمْ، وَعُدَّ بِدْعَةً ومُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ، فإنَّ ابنَ عمرَ قال: إنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأَبَا بكرٍ، وعمرَ، وعثمانَ، كانوا يُصَلُّونَ العِيدَيْنِ قبلَ الخُطْبَةِ. مُتَّفَقٌ عليه (١). وَرَوَى ابنُ عَبَّاسٍ مِثْلَه. رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٢). ورَوَاهُ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- جَمَاعَةٌ، ورَوَى طَارقُ بن شِهَابٍ قال: قَدَّمَ


(١) أخرجه البخاري، في: باب الخطبة بعد العيد، من كتاب العيدين. صحيح البخاري ٢/ ٢٣. ومسلم، في: أول كتاب صلاة العيدين. صحيح مسلم ٢/ ٦٠٥. كما أخرجه النسائي، في: باب صلاة العيدين قبل الخطبة، من كتاب العيدين. المجتبى ٣/ ١٤٩. وابن ماجه، في: باب ما جاء في صلاة العيدين، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٤٠٧. والإِمام أحمد، في: المسند ٢/ ١٢، ٣٨، ٧١.
(٢) تقدم تخريجه في صفحة ٢٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>