للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرُّبُّ ونحوُها (١٩) من المائعاتِ، وسَواءٌ قُلْنا: إنَّ القِسْمةَ بيعٌ أو [إفْرازُ حَقٍّ] (٢٠)؛ لأنَّ بَيْعَه جائزٌ، وإفْرازَهُ (٢١) جائزٌ. فإن كان فيها أنْواعٌ، كحِنطةٍ وشَعيرٍ، وتمرٍ وزَبيبٍ، فطلبَ أحدُهما قَسْمَها كلَّ نوعٍ على حِدَتِه، أُجْبِرَ المُمْتَنِعُ، وإن طلَبَ قَسْمَها (٢٢) أعْيانًا بالقِيمةِ، لم يُجْبَرِ المُمْتَنِعُ؛ لأنَّ هذا بَيْعُ نَوعٍ بنَوعٍ آخَرَ، وليس بقِسْمَةٍ، فلم يُجْبَرْ عليه، كغيرِ الشَّريكِ. فإنْ تَراضَيا عليه، جاز. وكان بَيْعًا يُعْتَبرُ فيه التقابُضُ قبلَ التَّفرُّقِ، فيما يُعْتَبرُ التَّقابُضُ فيه، وسائرُ شُروطِ البَيْعِ.

فصل: فإن كان بينهما ثيابٌ، أو حيوانٌ، أو أوَانٍ، أو خَشَبٌ، أو عُمْدٌ، أو أحْجارٌ، فاتَّفقا على قِسْمَتِها، جاز؛ لأنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَسمَ الغنائمَ يومَ بَدْرٍ، [ويومَ حُنَينٍ] (٢٣)، ويومَ خَيْبَرَ، وهى تَشتملُ على أجْناسٍ مِن المالِ، وسَواءٌ اتَّفقا على قِسْمَةِ كلِّ جنسٍ بينهما، أو على قِسْمَتِها أعْيانًا بالقِيمَةِ. وإن طلبَ أحدُهما قِسْمَةَ كلِّ نَوعٍ على حِدَتِه، وطلبَ الآخرُ قِسْمَتَه أعْيانًا بالقِيمَةِ، قُدِّمَ قولُ مَن طلبَ قِسْمَةَ كلِّ نَوْعٍ على حِدَتِه، إذا أمْكَنَ. وإن طَلَبَ أحدُهما القِسْمَةَ، وأبَى الآخَرُ، وكان ممَّا لا يُمْكِنُ قِسْمَتُه إلَّا بأخْذِ عِوَضٍ عنه مِن غيرِ جنْسِه، أو قَطْعِ ثوبٍ في قَطْعِه نَقْصٌ، أو كَسْرِ إناءٍ (٢٤)، أو رَدِّ عِوَضٍ، لم يُجْبَرِ المُمْتنِعُ. [وإن أمْكَنَ قِسْمةُ كلِّ نَوعٍ على حِدَتِه، من غيرِ ضَرَرٍ، ولا رَدِّ عِوَضٍ، فقال القاضي: يُجْبرُ المُمْتنِعُ] (٢٥). وهو ظاهرُ مذهبِ الشافعيِّ، [وقال أبو الخَطَّابِ] (٢٦): لا أعرفُ في هذا عن إمامِنا روايةً، ويَحْتَمِلُ أن لا يُجْبَرَ المُمْتنِعُ. وهو قولُ ابنِ خَيرانَ (٢٧)، مِن أصحابِ الشَّافعىِّ؛ لأنَّ هذا إنَّما يُقْسَمُ أعيانًا بالقِيمَةِ، فلم يُجْبَرِ


(١٩) في الأصل: "وفيهما".
(٢٠) في الأصل: "إقرار بحق". ويأتي في الفصل التالى.
(٢١) في الأصل: "وإقراره".
(٢٢) في الأصل: "قسمتها".
(٢٣) سقط من: الأصل.
(٢٤) سقط من: ب.
(٢٥) سقط من: ب. نقل نظر.
(٢٦) في الأصل، م: "وهو قول أبي الخطاب".
(٢٧) هو أبو على الحسين بن صالح بن خيران، أحد أركان مذهب الشافعيِّ، وكان إماما زاهدا ورعا، توفى سنة عشرين وثلاثمائة. طبقات الشافعية الكبري ٣/ ٢٧١ - ٢٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>