للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الْيَمِينُ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ" (٣). ولأنَّه ادَّعَى تَسْلِيمَ الحَقِّ الذى عليه، فلم يُقْبَلْ بغيرِ بَيِّنةٍ، كما لو ادَّعَى تَسْلِيمَ الثمنِ، أو كما قبلَ الدُّخولِ.

فصل: فإن دَفَعَ إليها ألْفًا، ثم اختلَفا، فقال: دَفَعْتُها إليك صَداقًا. وقالت: بل هِبَةً. فإن كان اختلافُهما فى نِيَّتِه كأن (٤) قالتْ: قَصَدْتَ الهِبَةَ. وقال: قصدتُ دَفْعَ الصَّداقِ. فالقولُ قولُ الزَّوْجِ بلا يمينٍ؛ لأنَّه أعْلَمُ بما نَوَاه، ولا تَطَّلِعُ المَرْأةُ على نِيّتِه. وإن اختلَفا فى لفظِه، فقالت: قد قُلْتَ خُذِى هذا هِبةً أو هَدِيّةً. فأنْكَرَ (٥) ذلك، فالقولُ قولُه مع يمينِه؛ لأنَّها تَدَّعِى عليه عَقْدًا على مِلْكِه، وهو يُنْكِرُه، فأشْبَهَ ما لو ادَّعَتْ عليه بَيْعَ مِلْكِه لها، لكنْ إن كان المَدْفوعُ من غيرِ جِنْسِ الواجبِ عليه، كأن (٦) أصْدَقَها دَراهِمَ، فدفَعَ إليها عَرْضًا (٧)، ثم اختلَفا، وحَلَفَ أنَّه دَفَعَ إليها ذلك من صَداقِها، فللمرأةِ رَدُّ العَرْضِ (٨)، ومُطَالَبَتُه بصَداقِها. قال أحمدُ، فى رواية الفَضْلِ بن زِيادٍ، فى رَجُلٍ تزوَّجَ امرأةً على صَداقِ ألْفٍ، فبَعَثَ إليها بقِيمَتِه متاعًا وثِيابًا، ولم يُخْبِرْهُم أنَّه من الصَّداقِ، فلما دَخَلَ سألتْه الصَّداقَ، فقال لها: قد بَعَثْتُ إليك بهذا المتاعِ، واحْتَسَبْتُه من الصَّداقِ. فقالت المرأةُ: صَداقِى دَراهِمُ: تَرُدُّ الثيابَ والمتاعَ، وتَرْجِعُ عليه بصَداقِها. فهذه الرِّوايةُ إذا لم يخْبِرْهُم أَنَّه صَداقٌ، فأمَّا إذا ادَّعَى أنَّها احْتَسَبَتْ به من الصَّداقِ، وادَّعَتْ هى أنَّه قال: هى (٩) هِبَةٌ. فينبغِى أن يَحْلِفَ كل واحدٍ منهما، ويتَراجَعانِ بما لكلِّ واحدٍ منهما. وحُكِىَ عن مالكٍ، أنَّه قال (١٠): إن كان ممَّا جَرَتِ العادَةُ بهَدِيَّتِه، كالثَّوْبِ والخاتَمِ، فالقولُ قولُها؛ لأنَّ الظَّاهِرَ معها، وإلَّا فالقولُ قولُه. ولَنا، أنَّهما اخْتلَفا فى صِفَةِ انْتِقالِ مِلْكِه إلى يدِها، فكان القولُ قولَ المالكِ، كما لو قال: أوْدَعْتُكِ هذه العَيْنَ. قالت: بل وَهَبْتَها.


(٣) تقدم تخريجه فى: ٦/ ٥٢٥.
(٤) فى الأصل: "كأنها".
(٥) فى الأصل، أ، ب: "فأنكرها".
(٦) فى الأصل، ب: "كأنه".
(٧) فى أ، ب، م: "عوضا".
(٨) فى أ، ب، م: "العوض".
(٩) فى م: "هو".
(١٠) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>