للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَافَقَ الشَّهْرَ؛ لأنَّه صامَهُ على الشَّكِّ، فلم يُجْزِئْهُ، كما لو نَوَى لَيْلَةَ الشَّكِّ، إنْ كان غَدًا من رمضانَ فهو فَرْضِى. وإن غَلَبَ على ظَنِّه مِن غيرِ أمَارَةٍ، فقال القاضي: عليه الصِّيَامُ، ويَقْضِى إذا عَرَفَ الشَّهْرَ، كالَّذِي خَفِيَتْ عليه دَلائِلُ القِبْلَةِ ويُصَلِّى على حَسَبِ حَالِه ويُعِيدُ. وذَكَرَ أبو بكرٍ في مَن خَفِيَتْ عليه دَلائِلُ القِبْلَةِ هل يُعِيدُ؟ على وَجْهَيْنِ. كذلِك يُخَرَّجُ على قَوْلِه هاهُنا. وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ أنَّه يَتَحَرَّى، فمتى غَلَبَ على ظَنِّه دُخُولُ الشَّهْرِ صَحَّ صَوْمُه، وإن لم يَبْنِ على دَلِيلٍ؛ لأنَّه ليس في وُسْعِه مَعْرِفَةُ الدَّلِيلِ، ولا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا. وقد ذَكَرْنَا مِثْلَ هذا في القِبْلَةِ.

فصل: وإذا صامَ تَطَوُّعًا، فوافَقَ شَهْرَ رمضانَ، لم يُجْزِئْهُ. نَصَّ عليه أحمدُ، وبه قال الشَّافِعِيُّ. وقال أصْحَابُ الرَّأْيِ: يُجْزِئُه. وهذا يَنْبَنِي على تَعْيِينِ النِّيَّةِ لِرمضانَ، وقد مَضَى القَوْلُ فيه (١٣).

٥١٨ - مسألة؛ قال: (وَلَا يُصَامُ [يَوْمُ الْعِيدِ] (١)، ولَا أيَّامُ التَّشْرِيقِ، لَا عَنْ فَرْضٍ، ولَا عَنْ تَطَوُّعٍ. فإنْ قَصَد لِصِيَامِهَا كَانَ عَاصِيًا، ولَمْ يُجْزِئْهُ عَنِ الفَرْضِ)

أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ [صَوْمَ يَوْمَيِ] (٢) العِيدَيْنِ مَنْهِيٌّ عنه، مُحَرَّمٌ في التَّطَوُّعِ والنَّذْرِ المُطْلَقِ والقَضاءِ والكَفَّارَةِ. وذلك لما رَوَى أبو عُبَيْدٍ مَوْلَى ابنِ أزْهَرَ، قال: شَهِدْتُ العِيدَ مع عمرَ بن الخَطَّابِ، فجاءَ فَصَلَّى، ثم انْصَرَفَ، فخَطَبَ النَّاسَ، فقال: إنَّ هذَيْن يَوْمَيْنِ نَهَى رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن صِيَامِهما؛ يَوْمُ فِطْرِكُم مِن صِيامِكم، والآخَرُ يَوْمَ تَأْكُلُونَ فيه من نُسُكِكم (٣). وعن أبي هُرَيْرَةَ، أنَّ رسولَ


(١٣) في صفحة ٣٣٨.
(١) في م: "يوما العيدين".
(٢) في م: "صومي".
(٣) أخرجه البخاري، في: باب صوم يوم الفطر، من كتاب الصوم. وفي: باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي=

<<  <  ج: ص:  >  >>