للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأخْبارِ، وبِقياسِ (١٨) الذَّهَبِ على الفِضَّةِ، ولأنَّه أحَدُ الثَّلَاثَةِ المُحَرَّمَةِ على الذُّكُورِ دُونَ الإِنَاثِ، فلم يُحَرَّمْ يَسِيرُه (١٩) كسَائِرِها، وكلُّ ما أُبِيحَ مِن الحَلْىِ، فلا زَكاةَ فيه، إذا كان مُعَدًّا لِلاسْتِعْمالِ.

٤٥٢ - مسألة؛ قال: (والمَتَّخِذُ آنِيَةَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ عَاصٍ، وفيها الزَّكَاةُ)

وجُمْلَتُه، أنَّ اتِّخاذَ آنِيَةِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ حَرامٌ على النِّساءِ والرِّجالِ جَمِيعًا، وكذلك اسْتِعْمالُها (١). وقال الشَّافِعِيُّ، في أحَدِ قَوْلَيْه: لا يَحْرُمُ اتِّخَاذُها؛ لأنَّ النَّصَّ إنَّما وَرَدَ في تَحْرِيمِ الاسْتِعْمالِ، فيَبْقَى إباحَةُ الاتِّخَاذِ على مُقْتَضَى الأصْلِ في الإِباحَةِ. ولَنا، أنَّ ما حَرُمَ اسْتِعْمالُه حَرُمَ اتِّخَاذُه على هَيْئَةِ الاسْتِعْمالِ كالملاهِى، ويَسْتَوى في ذلك الرِّجالُ، والنِّساءُ؛ لأنَّ المَعْنَى المُقْتَضِى لِلتَّحْرِيمِ يَعَمُّهما، وهو إفْضاؤُه (٢) إلى السَّرَفِ والخُيَلاءِ، وكَسْرِ قُلُوبِ الفُقَرَاءِ، فيَسْتَوِيانِ في التَّحْرِيمِ، وإنَّما أُحِلَّ لِلنِّساءِ التَّحَلِّى لِحَاجَتِهِنَّ إليه لِلتَّزَيُّنِ لِلأزْواجِ، وليس هذا بمَوْجُودٍ في الآنِيَةِ، فيَبْقَى على التَّحْرِيمِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ فيها الزكاةَ، بغيرِ خِلافٍ بين أهْلِ العِلْمِ، ولا زَكَاةَ فيها حتى تَبْلُغَ نِصَابًا بالوَزْنِ، أو يكونَ عندَه ما يَبْلُغُ نِصَابًا بِضَمِّها إليه. وإن زَادَتْ قِيمَتُه لِصيَاغتِه (٣)، فلا عِبْرَةَ بها؛ لأنَّها مُحَرَّمَةٌ فلا قِيمَةَ لها في الشَّرْعِ، وله أن يُخْرِجَ عنها قَدْرَ رُبْعِ عُشْرِها بقيِمَتِه غيرَ مَصُوغٍ. وإن أحَبَّ كَسْرَها، أخْرَجَ رُبْعَ عُشْرِها مَكْسُورًا، وإن أخْرَجَ رُبْعَ عُشْرِها مَصُوغًا، جَازَ؛ لأنَّ


(١٨) في ب، م: "ويقاس".
(١٩) في م: "يسيرها".
(١) في م: "استعماله".
(٢) في م: "الإفضاء".
(٣) في أ، ب، م: "لصناعته".

<<  <  ج: ص:  >  >>