للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١١٧ - مسألة؛ قال: (والكُفءُ ذُو الدِّين (١) والمَنْصِبِ)

يعنى بالمَنْصِبِ الحَسَبَ، وهو النَّسَبُ. واختلفتِ الرِّوايةُ عن أحمدَ، فى شُروطِ الكفاءةِ، فعنه هما شَرْطانِ؛ الدِّينُ، والمَنْصِبُ، [لا غيرُ] (٢). وعنه، أنَّها خَمسةٌ؛ هذان، والحُرِّيَّةُ، والصِّناعةُ، واليَسَارُ. وذكر القاضى، فى "المُجَرَّدِ" أنَّ فَقْدَ هذه الثلاثة لا يُبْطِلُ النِّكاحَ، رِوايةً واحدةً، وإنَّما الرِّوايتان فى الشرطينِ الأولينِ. قال: ويتَوَجَّهُ أن المُبْطِلَ عَدَمُ الكفاءةِ فى النسَبِ لا غيرُ؛ لأنَّه نَقْصٌ لازمٌ، وما عَدَاه غيرُ لازمٍ، ولا يَتَعَدَّى نَقْصُه إلى الوَلَدِ. وذَكَر فى "الجامع" الرِّوايتَيْنِ فى جميعِ الشُّروطِ. وذكره أبو الخَطَابِ أيضًا. وقال مالكٌ: الكفاءةُ فى الدِّينِ لا غيرُ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: هذا جملةُ مذهبِ مالكٍ وأصحابِه. وعن الشافعى كقَوْلِ مالكٍ، وقول آخرُ أنَّها الخمسةُ التي ذكَرناها، والسَّلامةُ من العُيوبِ الأربعةِ فتكون سِتّةً. وكذلك قولُ أبى حنيفةَ، والثَّوْرِىِّ، والحسنِ بن حَىٍّ، إلا فى الصَّنْعةِ والسَّلامةِ من العُيوبِ الأربعةِ (٣). ولم يَعْتَبِرْ محمدُ بن الحسنِ الدِّينَ، إلَّا أن يكونَ ممَّن يَسْكَرُ ويَخْرُجُ ويَسْخَرُ منه (٤) الصِّبْيانُ، فلا يكون كُفْؤًا؛ لأنَّ الغالِبَ على الجُنْدِ الفِسْقُ، ولا يُعَدُّ (٥) ذلك نَقْصًا، والدليلُ على اعْتِبارِ الدِّينِ قولُه تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ} (٦). ولأنَّ الفاسِقَ مَرْذولٌ مَرْدودُ الشَّهادةِ والرِّوايةِ، غيرُ مَأْمونٍ على النَّفْس والمالِ، مَسْلُوبُ الوِلَاياتِ (٧)، ناقصٌ عند اللَّه تعالى وعندَ خَلْقِه، قليلُ الحَظِّ فى (٨) الدُّنيا والآخرةِ، فلا يجوزُ أن يكونَ كُفْؤًا لِعَفِيفةٍ، ولا مُساوِيًا لها، لكن يكونُ كُفؤًا لمِثْلِه. فأمَّا الفاسِقُ من الجُنْدِ، فهو


(١) فى م: "والدين".
(٢) سقط من: م.
(٣) سقط من: الأصل، أ.
(٤) فى م: "معه".
(٥) فى ب، م: "ويعد".
(٦) سورة السجدة ١٨.
(٧) فى م: "الولاية".
(٨) فى ب: "من".

<<  <  ج: ص:  >  >>