للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنْفَقَ بغير أمْرِ الحاكِمِ، مُحْتَسِبًا بالرُّجُوعِ (٥) عليه، فقال أحمدُ: تُؤَدَّى النَّفَقَةُ من بَيْتِ المالِ. وقال شُرَيْحٌ، والنَّخَعِىُّ: يَرْجِعُ عليه بالنَّفَقَةِ إذا أشْهَدَ عليه. وقال عمرُ بن عبد العزيزِ: يَحْلِفُ ما أنْفَقَ احْتِسابًا، فإن حَلَفَ اسْتُسْعِىَ (٦). وقال الشَّعْبِىُّ، ومالِكٌ، والثَّوْرِيُّ، والأوْزَاعِيُّ، وأبو حنيفةَ، ومحمدُ بن الحَسَنِ، والشافِعِىُّ، وابنُ المُنْذِرِ: هو مُتَبَرِّعٌ [لا يَرْجِعُ بشيءٍ، كما لو تَبرَّع] (٧) به. ولَنا، أنَّه أدَّى ما وَجَبَ على غيرِه، فكان له الرُّجُوعُ على مَنْ كان الوُجُوبُ عليه، كالضَّامِنِ إذا قَضَى عن المَضْمُونِ عنه. وقد ذَكَرْنا حُكْمَ هذا الأصْلِ في مَوْضِعِه.

فصل: فأمَّا إن وُجِدَ مع اللَّقِيطِ شيءٌ، فهو له، ويُنْفَقُ عليه منه. وبهذا قال الشافِعِيُّ، وأصْحابُ الرأى؛ وذلك لأنَّ الطِّفْلَ يَمْلِكُ، وله يَدٌ صَحِيحَةٌ، بِدَلِيلِ أنَّه يَرِثُ ويُورَثُ، ويَصِحُّ أن يَشْتَرِىَ له وَلِيُّه ويَبِيعَ، ومن له مِلْكٌ صَحِيحٌ، فله يَدٌ صَحِيحَةٌ، كالبالِغِ. إذا ثَبَتَ هذا، فكلُّ ما كان مُتَّصِلًا به، أو مُتَعَلِّقًا بمَنْفَعَتِه، فهو تحت يَدِه، ويَثْبُتُ بذلك مِلْكًا له في الظاهِرِ، فمن ذلك ما كان لابِسًا له، أو مَشْدُودًا في مَلْبُوسِه، أو في يَدَيْهِ، أو مَجْعُولًا فيه، كالسَّرِيرِ والسَّفَطِ (٨)، وما فيه من فَرْشٍ أو دَرَاهِمَ، والثِّيَابُ التي تَحْتَه [والتى عليه] (٩). وإن كان مَشْدُودًا على دَابَّةٍ، أو كانت مَشْدُودَةً في ثِيَابِه، أو كان في خَيْمةٍ، أو في دارٍ، فهى له. وأمَّا المُنْفَصِل عنه، فإن كان بَعِيدًا منه، فليس في يَدِه، وإن كان قَرِيبًا منه، كثَوْبٍ مَوْضُوعٍ إلى جَانِبِه، ففيه وَجْهانِ؛ أحدُهما، ليس هو له؛ لأنَّه مُنْفَصِلٌ عنه، فهو كالبَعِيدِ. والثانى، هو له. وهو أصَحُّ؛ لأنَّ الظاهِرَ أنَّه تُرِكَ له، فهو له (١٠)، بمَنْزِلةِ ما هو تحتَه، ولأنّ القَرِيبَ


(٥) في م: "الرجوع".
(٦) أي اللقيط.
(٧) سقط من: م.
(٨) السفط: وعاء يوضع فيه الطيب ونحوه من أدوات النساء.
(٩) في الأصل: "والشىء الذي عليه".
(١٠) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>