للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّلَاةِ". رَوَاه أبو دَاوُدَ (٢١). ولأنَّ كَوْنَ أَهْلِه معه لا يَمْنَعُ التَّرَخُّص، كالجَمَّالِ. ولَنا، أنَّه غيرُ ظَاعِنٍ عن مَنْزِلِه، فلم يُبَحْ له التَّرَخُّصُ، كالمُقِيمِ في البلدِ (٢٢)، فأمَّا النُّصُوصُ فإنَّ المُرَادَ بها الظَّاعِنُ عن مَنْزِلِه، وليس هذا كذلك، وأما الجَمَّال والمُكارِى فلهم التَّرَخُّصُ وإن سافَرُوا بأهْلِهِم. قال أبو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أحمدَ يقولُ في المُكارِى الذي هو دَهْرُه في السَّفَرِ: لا بُدَّ من أن يَقْدَمَ فَيُقِيمَ اليَوْمَ (٢٣). قِيلَ: فيُقِيمُ اليَوْمَ واليَوْمَيْنِ والثَّلَاثَةَ في تَهَيُّئِه للسَّفَرِ. قال: هذا يَقْصُرُ. وذَكَرَ القاضي، وأبو الخَطَّابِ، أنَّه ليس له القَصْرُ كالمَلَّاحِ. وهذا غيرُ صَحِيحٍ؛ لأنَّه مُسَافِرٌ مَشْفُوقٌ عليه، فكان له القَصْرُ كغيرِه، ولا يَصِحُّ قِياسُه على المَلَّاحِ؛ فإن المَلَّاحَ في مَنْزِلِه سَفَرًا وحَضَرًا، ومعه مَصَالِحُه وتَنُّورُه وأهْلُه، وهذا لا يُوجَدُ في غيرِه. وإن سافَرَ هذا بأهْلِه كان أشَقَّ عليه، وأبْلَغَ في اسْتِحْقَاقِ التَّرَخُّصِ، وقد ذَكَرْنا نَصَّ أحمدَ في الفَرْقِ بَيْنَهما، والنُّصُوصُ مُتَنَاوِلَةٌ لهذا بِعُمُومِها، وليس هو في مَعْنَى المَخْصُوصِ، فوَجَبَ القَوْلُ بِثُبُوتِ حُكْمِ النَّصِّ فيه، واللهُ أعلمُ.

٢٦٩ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ لَمْ يَنْوِ القَصْرَ في وَقْتِ دُخُولِه إلَى الصَّلَاةِ لَمْ يَقْصُرْ)

وجُمْلَتُه أنَّ نِيَّةَ القَصْرِ شَرْطٌ في جَوَازِه، ويُعْتَبَرُ وُجُودُها عندَ أوَّلِ الصلاةِ، كِنِيَّةِ الصلاةِ. وهذا قولُ الْخِرَقِىِّ، واخْتَارَه القاضي. وقال أبو بكرٍ: لا تُشْتَرَطُ نِيَّتُهُ؛


(٢١) في: باب اختيار الفطر، من كتاب الصوم. سنن أبي داود ١/ ٥٦١. كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في الرخصة في الإفطار للحبلى والمرضع، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى ٣/ ٢٣٥. والنسائي، في: باب ذكر وضع الصيام عن المسافر. . . إلخ، وباب ذكر اختلاف معاوية بن سلام وعلى بن المبارك في هذا الحديث، وباب وضع الصيام عن الحبلى والمرضع، من كتاب الصيام. المجتبى ٤/ ١٤٩، ١٥١، ١٦٠. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الإِفطار للحامل والمرضع، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه ١/ ٥٣٣. والإِمام أحمد، في: المسند ٤/ ٣٤٧، ٥/ ٢٩.
(٢٢) في أ: "المدد". وفي م: "المدن".
(٢٣) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>