للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَفَا عنه ثم قَطَعَه، أو كما لو قَطَعَه أجْنَبِىٌّ، فأمَّا إن قَطَعَه ثم قَتَلَه، احْتَمَل أن يَضْمَنَه أيضًا؛ لأنَّه يَضْمَنُه إذا عَفَا عنه، فكذلك إذا لم يَعْفُ عنه, لأنَّ العَفْوَ إحسانٌ، فلا يكون مُوجِبًا للضَّمانِ، واحْتَمَلَ أن لا يَضْمَنَه. وهو قولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّه لو قَطَعَ مُتَعَدِّيًا ثم قَتَلَ، لم يَضْمَنِ الطَّرَفَ، [فَلأن لا] (٣٥) يَضْمَنَه إذا كان القَتْلُ مُسْتَحَقًّا أَوْلَى. فأمَّا القِصاصُ، فلا يَجِبُ في العُرْفِ بحَالٍ. ولا نعلمُ في هذا خِلافًا؛ لأنَّ القِصاصَ عُقُوبةٌ تُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، والشُّبْهةُ ههُنا مُتَحَقِّقةٌ، لأنَّه مُسْتَحِقٌّ (٣٦) لإِتْلافِ هذا الطَّرَفِ ضِمْنًا لِاسْتِحقاقِه إتْلافَ الجُمْلةِ، ولا يَلْزَمُ من سُقُوطِ القِصَاصِ أن لا تَجِبَ الديةُ، بدليلِ امْتِناعِه لعَدَمِ المُكافأةِ (٣٧). فأمَّا إن كان الجانِى قَطَعَ طَرَفَه ثم قَتَلَه، فاسْتَوْفَى منه بمثلِ فِعْلِه، فقد ذكرْناه فيما مَضَى. وإن قَطَعَ طَرَفًا غيرَ الذي قَطَعَه الجانِى، كان الجانى قَطَعَ يَدَه، فقَطَعَ (٣٨) المُسْتَوفِى رِجْلَه، احْتَمَلَ أن يكونَ بِمَنْزِلةِ ما لو قَطَعَ يَدَه؛ لأنَّ دِيَتَهُما واحدةٌ، واحْتَمَلَ أن تَلْزَمَه دِيَةُ الرِّجْلِ؛ لأنَّ الجانِىَ لم يَقْطَعْها، فأشْبَهَ ما لو لم يَقْطَعْ يَدَهُ.

فصل: فأمَّا إن كانت الزِّيادةُ في الاسْتِيفاءِ من (٣٩) الطَّرَفِ، مثل إن اسْتَحقَّ قَطْعَ إصْبَعٍ، فقَطَعَ اثْنَتَيْنِ، فحُكْمُه حكمُ القاطعِ ابْتداءً، إن كان عَمْدًا (٤٠) من مَفْصِلٍ، أو شَجَّةٍ يَجِبُ في مِثْلِها القِصاصُ، فعليه القِصاصُ في الزِّيادةِ، وإن كان خَطأً أو جُرْحًا لا يوجبُ القِصاصَ، مثل مَنْ يَسْتَحِقُّ مُوضِحَةً فاسْتَوْفَى (٤١) هاشِمةً، فعليه أَرْشُ الزِّيادةِ، إلَّا أن يكونَ ذلك بسَببٍ من الجانِى، كاضْطِرابِه حالَ الاسْتِيفاءِ، فلا شىءَ على


(٣٥) في ب، م: "فلان". ورسم الكلمة في الأصل: "فليلا".
(٣٦) في م: "متحقق".
(٣٧) في م: "المكافآت".
(٣٨) سقط من: م.
(٣٩) في م: "لأنه".
(٤٠) في م: "عقدا".
(٤١) في م: "فاستوفاها".

<<  <  ج: ص:  >  >>