للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَهَى عن بَيْعٍ وشَرْطٍ (٥). ولأنّ الصَّحِيحَ لا يُؤَثِّرُ فى البَيْعِ وإنْ كَثُرَ، والفاسِدُ يُؤَثِّرُ فيه وإنِ اتَّحَدَ. والحَدِيثُ الذى رويناه يَدُلُّ على الفَرْقِ. ولأنَّ الغَرَرَ اليَسِيرَ إذا احْتُمِلَ فى العَقْدِ، لا يَلْزَمُ منه احْتِمالُ الكَثِيرِ. وحَدِيثُهُم لم يَصِحَّ، وليس له أصْلٌ، وقد أنْكَرَه أحمدُ، ولا نَعْرِفُه مَرْوِيًّا فى مُسْنَدٍ، فلا (٦) يُعَوَّلُ عليه. وقولُ القاضى: إنّ النَّهْىَ يَبْقَى على عُمُومِه فى كُلِّ شَرْطَيْنِ. بَعِيدٌ أيضًا؛ فإنَّ شَرْطَ ما يَقْتَضِيه العَقْدُ لا يُؤَثِّرُ فيه بغيرِ خلافٍ، وشَرْطَ ما هو مِن مَصْلَحَةِ العَقْدِ، كالأجَلِ، والخِيارِ، والرَّهْنِ، والضَّمِينِ، وشَرْطَ صِفَةٍ فى المَبِيعِ، كالكِتابَةِ، والصِّنَاعَةِ، فيه مَصْلَحَةُ العَقْدِ، فلا يَنْبَغِى أنْ يُؤَثِّرَ أيضًا فى بُطْلانِه، قَلَّتْ أو كَثُرَتْ. ولم يَذْكُرْ أحمدُ فى هذه المَسْأَلَةِ شَيْئًا مِن هذا القِسْمِ، فالظَّاهِرُ أَنَّه غيرُ مُرادٍ له.

فصل: والشُّرُوطُ تَنْقَسِمُ (٧) أرْبَعَةَ أَقْسَامٍ؛ أحَدها، ما هو مِن مُقْتَضَى العَقْدِ، كاشْتِراطِ التَّسْلِيمِ، وخِيارِ المَجْلِسِ، والتَّقابُضِ فى الحالِ. فهذا وُجُودُه كعَدَمِه، لا يفيدُ حُكْمًا، ولا يُؤَثِّرُ فى العَقْدِ.

الثَّانِي، تَتَعَلَّقُ به مَصْلَحَةُ العاقِدَيْنِ، كالأجَلِ، والخِيارِ، والرَّهْنِ، والضَّمِينِ، والشَّهادَةِ، أو اشْتِرَاطِ صِفَةٍ مَقْصُودَةٍ فى المَبِيعِ، كالصِّناعَةِ والكِتابَةِ، ونَحْوِها. فهذا شَرْطٌ جائِزٌ يَلْزَمُ الوفاءُ به. ولا نَعْلَمُ فى صِحَّةِ هَذَيْنِ القِسْمَيْنِ خلافًا.

الثّالث، ما ليس مِن مُقْتَضاه، ولا مِن مَصْلَحَتِه، ولا يُنافِى مُقْتَضاه، وهو نوعانِ، أحَدُهما، اشْتِراطُ مَنْفَعَةِ البائِعِ فى المَبِيعِ، فهذا قد مَضَى ذِكْرُه. الثَّانِي، أنْ يَشْتَرِطَ عَقْدًا فى عَقْدٍ، نَحْوَ أنْ يَبِيعَه شَيْئًا بشَرْطِ أنْ يَبِيعَه شَيْئًا آخَرَ، أو يَشْتَرِىَ


(٥) تقدَّم تخريجه فى صفحة ١٦٥، ١٦٦.
(٦) فى م: "ولا".
(٧) فى م زيادة: "إلى".

<<  <  ج: ص:  >  >>