للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو حنيفةَ، والشافِعِىُّ. ويَحْتَمِلُ أن لا تَجِبَ الشُّفْعةُ، لئَلَّا تَتَبَعَّضَ صَفْقَةُ المُشْتَرِى، وفى ذلك إضْرارٌ به، فأَشْبَهَ ما لو أرادَ الشَّفِيعُ أخْذَ بعضِ الشِّقْصِ. وقال مالكٌ: تَثْبُتُ الشُّفْعةُ فيهما؛ لذلك. وَلنا، أنَّ السَّيْفَ لا شُفْعةَ فيه، ولا هو تابِعٌ لما فيه الشُّفْعةُ، فلم يُؤْخَذْ بالشُّفْعةِ، كما لو أفْرَدَه، وما يَلْحَقُ المُشْتَرِى من الضَّرَرِ فهو ألْحَقَهُ بِنَفْسِه، بجَمْعِه في العَقْدِ بين ما تَثْبُتُ فيه الشُّفْعةُ وما لا تَثْبُتُ، ولأنَّ في أخْذِ الكلِّ ضَرَرًا بالمُشْتَرِى أيضًا؛ لأنَّه ربَّما كان غَرَضُه في إبْقاءِ السَّيْفِ له، ففى أخْذِه منه إضْرارٌ به من غيرِ سَبَبٍ يَقْتَضِيه.

فصل: وإذا باع شِقْصَيْنِ من أَرْضَيْنِ، صَفْقةً واحِدةً، لِرَجُلٍ واحدٍ، والشَّرِيكُ في أحَدِهما غيرُ الشَّرِيكِ في الآخَرِ، فلهما أن يَأْخُذَا ويَقْتَسِما الثمنَ على قَدْرِ القِيمتَيْنِ. وإن أخَذَ أحَدُهما دُونَ الآخَرِ، جازَ، ويَأْخُذُ الشِّقْصَ (١٨) الذي في شَرِكَتِه بحِصَّتِه من الثَّمنِ. ويَتَخَرَّجُ أنَّه لا شُفْعةَ له، كالمَسْألةِ التي (١٨) قَبْلَها. وليس له أخْذُهُما معًا؛ لأنَّ أحَدَهُما لا شَركَةَ له (١٨) فيه، ولا هو تابِعٌ لما فيه الشُّفْعةُ، فجرَى مَجْرَى الشِّقْصِ والسَّيْفِ. وإن كان الشَّرِيكُ فيهما واحدًا، فله أخْذُهُما وتَرْكُهُما؛ لأنَّه شَرِيكٌ فيهما. وإن أحَبَّ أخْذَ أحَدِهِما دون الآخَرِ، فله ذلك. وهذا مَنْصُوصُ الشَّافِعِىِّ. ويَحْتَمِلُ أنَّه لا يَمْلِكُ ذلك، ومتى اخْتارَهُ سَقَطَتِ الشُّفْعةُ فيهما؛ لأنَّه أَمْكَنَه أخْذُ [المَبِيعِ كلِّه، فلم يَمْلِكْ أخْذَ] (١٩) بعضِه، كما لو كان شِقْصًا واحدًا. ذَكَرَه أبو الخَطّابِ، وبعضُ أصْحابِ الشّافِعِىِّ. ولَنا، أنَّه يَسْتَحِقُّ كلَّ واحدٍ منهما بِسَبَبٍ غيرِ الآخَرِ، فجَرَى مَجْرَى الشَّرِيكَيْنِ، ولأنَّه لو جَرَى مَجْرَى الشِّقْصِ الواحدِ لوَجَبَ - إذا كانا شَرِيكَيْنِ فتَرَكَ أحَدُهُما شُفْعَتَه - أن يكونَ للآخَرِ أخْذُ الكُلِّ، والأمْرُ بخِلَافِه.

فصل: ولا يَأْخُذُ بالشُّفْعةِ مَن لا يَقْدِرُ على الثَّمنِ؛ لأنَّ في أخْذِه بدون دَفْعِ الثمنِ


(١٨) سقط من: ب.
(١٩) سقط من الأصل. نقلة نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>