للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن قال: زنأْتَ. مَهموزًا. فقال أبو بكرٍ، وأبو الخَطَّابِ: هو قَذْفٌ؛ لأنَّ عامَّةَ الناسِ لا يفهمُونَ من ذلك إلَّا القَذْفَ، فكانَ قَذْفًا، كما لو (٢٤) قال: زَنَيْتَ. وقال ابنُ حامدٍ: إن كان عامِّيًّا، فهو قَذْفٌ؛ لأنَّه لا يُرِيدُ به إلَّا القَذْفَ، وإن كان من أهلِ العربيَّةِ، لم يكُنْ قَذْفًا، لأنَّ معناه في العربيَّةِ، طلعتَ، فالظاهِرُ أنَّه يريدُ مَوْضُوعَه. ولأصحابِ الشَّافِعِيِّ في كَوْنِه قَذْفًا وَجْهان. وإن قال: زَنأْتَ في الجَبَلِ. فالحكمُ فيه، كما لو قال: زَنَأْتَ. ولم يَقُلْ: في الجبلِ. وقال الشَّافِعِي، ومحمدُ بنُ الحسنِ، ليس بقَذْفٍ. قال الشافعيُّ: ويُسْتَحْلَفُ على ذلك. ولَنا، أنَّه إذا كان عامِّيًّا لا يَعْرِفُ مَوْضوعَه في اللغةِ، تَعَيَّنَ مُرادُه في القَذْفِ، ولم يُفْهَمْ منه سِوَاهُ، فوَجَبَ أن يكونَ قَذْفًا، كما لو فسَّرَه بالقَذْفِ، أو لَحَنَ لَحْنًا غيرَ هذا.

فصل: فإن قال لرجلٍ (٢٥): يا زانِيَةُ. أو لامرأةٍ: يا زَانِى. فهو صَرِيحٌ في قَذْفِهِما. اخْتارَه أبو بكر. وهو مذهبُ الشَّافِعِيِّ. واختارَ ابنُ حامِدٍ، أنَّه ليس بقَذْفٍ، إلَّا أن يُفَسِّرَه به. وهو قولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أن يُرِيدَ بقولِه: يا زانيةُ. أي يا علَّامَةُ في الزِّنَى. كما يُقالُ للعالمِ: عَلَّامَةٌ. وللكثيرِ الرِّوَايةِ: رَاوِيَةٌ (٢٦). ولكثيرِ الحِفْظِ: حُفَظَةٌ. ولَنا، أنَّ ما كان قَذْفًا لأحَدِ الجِنْسَيْن، كان قَذْفًا للآخَرِ، كقولِه: زنَيْت. بفتح التاء وبكسرِها لهما جميعًا، ولأنَّ هذا اللفظَ خِطابٌ لهما، وإشارَةٌ إليهما بلفظِ الزِّنَى، وذلك يُغْنِى عن التَّمْييزِ بتاءِ التأنيثِ وحَذْفِها. وكذلك لو قالَ للمرأةِ: يا شخصًا زَانِيًا. أو للرَّجُلِ: يا نَسَمَةً (٢٧) زَانِيةً. كان قاذِفًا. وقولُهم: إنَّه يُرِيدُ بذلك أنَّه علَّامةٌ في الزِّنَى، لا يَصِحُّ؛ فإنَّ ما كانَ اسمًا للفعلِ إذا دخلَتْه الهاءُ كانتْ للمُبالغَةِ، كقولِهِم: حُفَظَة. لِلْمُبالغةِ في الحِفْظِ، ورَاوِية. للمُبالَغَةِ في الرِّوايَةِ. وكذلك هُمَزَة ولُمَزَة


(٢٤) سقط من: م.
(٢٥) في ب، م: "الرجل".
(٢٦) سقط من: ب.
(٢٧) في الأصل: "سمة".

<<  <  ج: ص:  >  >>