للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعيَّنَتْ عليه، حلَّ له أخذُه؛ لأنَّ النَّفقةَ (٦) على عِيَالِه فَرْضُ عَيْنٍ، فلا يَشْتغِلُ عنه بفَرْضِ الكِفايةِ، فإذا أخذَ الرِّزقَ جمعَ بين الأمريْنِ. وإن تعيَّنتْ عليه الشَّهادةُ، احْتَمَلَ ذلك أيضًا، واحْتَمَلَ (٧) أن لا يجوزَ؛ لئلَّا يأخُذَ العِوَضَ عن أداءِ فُروضِ (٨) الأعْيانِ (٩). وقال أصحابُ الشَّافعىِّ: لا يجوزُ أخْذُ الأُجْرَةِ لمَن تعيَّنَتْ عليه، وهل يجوزُ لغيرِه؟ على وَجْهينِ.

١٨٨٧ - مسألة؛ قال: (وَمَا أدْرَكَهُ مِنَ الْفِعْلِ نظَرًا، أوْ سَمِعَهُ تَيَقُّنًا، وَإنْ لَمْ يَرَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ، شَهِدَ بِهِ)

وجملةُ ذلك أنَّ الشهادةَ لا تجوزُ إلَّا بما عَلِمَه؛ بدلِيلِ قولِه تعالى: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (١). وقولِه تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (٢). وتَخْصِيصُه لهذه الثلاثةِ بالسُّؤالِ؛ لأنَّ العلمَ بالفُؤادِ، وهو مُستَنِدٌ إلى (٣) السَّمعِ والبصرِ؛ لأنَّ (٤) مَدْرَكَ الشهادةِ الرُّؤْيةُ والسَّماعُ، وهما بالبَصرِ والسَّمْعِ. ورُوِىَ عن ابنِ عباسٍ، أنه قال: سُئِلَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الشَّهادةِ، قال: "هَلْ تَرَى الشَّمْسَ؟ ". قال: نعم. قال: "عَلَى مِثْلِهَا فَاشْهَدْ أَوْ دَعْ". روَاه الخَلَّالُ، فى "الجامعِ" بإسْنادِه (٥). إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ مَدْرَكَ العلمِ الذى تَقعُ به الشَّهادةُ اثنانِ، الرُّؤْيةُ والسَّماعُ، وما عداهما مِن مَدارِكِ العلمِ كالشَّمِّ والذَّوْقِ واللَّمسِ،


(٦) فى ب، م: "والنفقة".
(٧) فى الأصل: "وإن احتمل".
(٨) فى أ، ب، م: "قرض".
(٩) فى ب، م: "عين".
(١) سورة الزخرف ٨٦.
(٢) سورة الإسراء ٣٦.
(٣) فى أ، ب، م: "يستند".
(٤) فى ب، م: "ولأن".
(٥) وأخرجه الحاكم، فى: باب لا تشهد إلّا ما يضىء لك كضياء الشمس، من كتاب الأحكام. المستدرك ٤/ ٩٨. والبيهقى، فى: باب التحفظ فى الشهادة والعلم بها، من كتاب الشهادات. السنن الكبرى ١٠/ ١٥٦. والعقيلى، فى: الضعفاء الكبير ٤/ ٧٠. وابن عدى، فى: الكامل ٦/ ٢٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>