للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعَصْرِ، فإنَّ تَقْدِيمَ الصَّلَاةِ عليها [يُفيد أنَّه] (٧) يَقَعُ في غيرِ وَقْتِ النَّهْىِ عن الصلاةِ، فيكونُ أوْلَى (٨).

فصل: قال أحمدُ: تُكْرَهُ الصلاةُ - يعني على المَيِّتِ - في ثلاثةِ أوْقاتٍ: عند طُلُوعِ الشَّمْسِ، ونِصْفَ النَّهارِ، وعندَ غُرُوبِ الشَّمْسِ. وذَكَرَ حديثَ عُقْبَةَ بنَ عَامِرٍ: ثلاثُ ساعاتٍ كان رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَنْهانا أن نُصَلِّىَ فيهنَّ، وأنْ (٩) نَقْبُرَ فيهنَّ مَوْتَانا: حينَ تَطْلُعُ الشمسُ بَازِغَةً حتى تَرْتَفِعَ، وحينَ يَقومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حتى يَمِيلَ، وحينَ تَتَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حتى تَغْرُبَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ (١٠). ومَعْنَى تَتَضَيَّفُ: أي تَجْنَحُ وتَمِيلُ لِلْغُرُوبِ، من قَوْلِكَ: تَضَيَّفْتُ فُلَانًا: إذا مِلْتَ إليه. قال ابنُ المُبَارَكِ: مَعْنَى أن نَقْبُرَ فيهنَّ مَوْتَانا، يَعْنِى الصلاةَ على الجِنَازَةِ. قيل لأحمدَ: الشَّمْسُ على الحِيطَانِ مُصْفَرَّةٌ؟ قال: يُصَلِّى عليها ما لم تُدْلِ لِلْغُرُوبِ. فلا تجوزُ الصلاةُ على المَيِّتِ في هذه الأوْقاتِ. رُوِىَ ذلك عن ابنِ عمرَ، وعَطاءٍ، والنَّخَعِىِّ، والأوْزاعِىِّ، والثَّوْرِىِّ، وإسحاقَ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وحُكِىَ عن أحمدَ أنَّ ذلك جَائِزٌ. وهو قولٌ لِلشَّافِعِىِّ (١١)، قِياسًا على ما بعدَ الفَجْرِ والعَصْرِ. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لحديثِ عُقْبَةَ بن عَامِرٍ، ولا يَصِحُّ القِيَاسُ على الوَقْتَيْنِ الآخَرَيْنِ، لأنَّ مُدَّتَهما تَطُولُ، فيُخافُ على المَيِّتِ فيهما، ويَشُقُّ انْتِظَارُ خُرُوجِهما، بخِلافِ هذه. وكَرِهَ أحمدُ أيضًا دَفْنَ المَيِّتِ في هذه الأوْقاتِ، لحديثِ عُقْبَةَ. فأمَّا الصلاةُ على القَبْرِ والغَائِبِ، فلا يجوزُ في شيءٍ من أوْقاتِ النَّهْىِ؛ لأنَّ عِلَّةَ تَجْوِيزِها على المَيِّتِ مُعَلَّلَةٌ بالخَوْفِ عليه، وقد أُمِنَ ذلك هَا هُنا، فيَبْقَى على أصْلِ المَنْعِ،


(٧) في م: "بعيد أن".
(٨) في م: "أولا".
(٩) في م: "أو".
(١٠) تقدم تخريجه في ٢/ ٥٢٤.
(١١) في الأصل: "الشافعي".

<<  <  ج: ص:  >  >>