للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الْغايَةِ- فصُفَّ الخيلَ، ثم نادِ: هل مِن (٢١) مُصْلِحٍ للجامٍ، أو حاملٍ لغُلامٍ، أو طَارحٍ لِجُلٍّ. فإذا لم يُجِبْك أحدٌ، فكبِّرْ ثلاثًا، ثم خَلِّها عند الثالثة، فيُسْعِدُ اللَّهُ بِسَبَقِه مَن شاءَ من خَلْقِه. وكان علىٌّ يقْعُدُ على مُنْتَهى الغايَة يخُطُّ خَطًّا، ويُقيمُ رَجُلَيْن مُتَقابِلَيْن عندَ طَرَفِ الخَطِّ طَرَفَيْه بينَ إبْهامَى أرْجُلِهما، وتَمُرُّ الخيلُ بين الرَّجُلَيْن، ويقولُ لهما: إذا خرجَ أحدُ الفَرَسَيْن على صاحِبِه بطَرَفِ أُذُنَيْهِ، أو أذُنٍ، أو عِذارٍ، فاجْعَلَا (٢٢) السَّبَقَةَ له، فإنْ شَكَكْتُما، فاجْعَلُوا سَبَقَهُما نِصْفَيْن، فإذا قَرَنْتُم ثِنتَيْن، فاجْعَلَا الغايةَ من غايَةِ أصغَرِ الثِّنْتَيْن، ولا جَلَبَ ولا جَنَبَ ولا شِغَارَ الإِسلامِ. وهذا الأدبُ الذى ذَكَرَه فى هذا الحديث، فى ابتداءِ الإرسالِ وانتهاءِ الغايَةِ، من أحْسَنِ ما قيلَ فى هذا، وهو مَرْوِىٌّ عن [أميرِ المُؤْمِنينَ] (٢٣) علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فى قَضِيَّةٍ أمَرَه (٢٤) بها رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفَوَّضَها إليه، فيَنْبَغِى أَنْ تُتَّبَع، ويُعْمَلَ بها.

فصل: ويُشتَرَطُ فى الرِّهانِ أَنْ تكونَ الدَّابَّتان من جِنْسٍ واحدٍ، فإنْ كانَتا من جِنْسَيْن، كالفرَسِ والبعيرِ، لم يَجُزْ؛ لأنَّ البعيرَ لا يكادُ يَسْبِقُ الفرَسَ، فلا يحْصُلُ الغَرَضُ من هذه المُسابَقَةِ. وإِنْ كانتَا من نَوْعَيْن، كالعَرَبىّ والبِرْذَوْنِ، أو البُخْتِىِّ والعِرَابِىِّ، ففيه وجْهان، أحدُهما، لا يصِحُّ. ذكَرَه أبو الخَطَّاب؛ لأنَّ التَّفاوُتَ بينهما فى الجَرْى معلومٌ بحُكْمِ العادَةِ، فأشْبَها الجِنْسَيْن. والثانى: يَصِحُّ. ذَكَرَه القاضِى. وهو (٢٥) مذهَبُ الشافِعِىِّ؛ لأنَّهما من جِنْسٍ واحِدٍ، وقد يسْبِقُ كُلُّ واحِدٍ منهما الآخَرَ، والضَّابِطُ الجِنْسُ وقد وُجِدَ، ويكْفِى فى المَظِنّةِ احْتمالُ الحِكْمَةِ ولو على بُعْدٍ.

فُصولٌ (١) فى المُناضَلَةِ: وهى المُسابَقَةُ فى الرَّمْى بالسِّهامِ، والمُناضَلَةُ، مَصْدَرُ ناضَلْتُه


(٢١) سقط من: الأصل، أ.
(٢٢) فى الأصل، أ، ب: "فاجعلوا".
(٢٣) لم يرد فى الأصل.
(٢٤) فى الأصل: "أمر".
(٢٥) فى م: "وهذا".
(١) فى الأصل، أ: "فصل".

<<  <  ج: ص:  >  >>