للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على وَجْهِ الأرضِ، وفي شَجَرِه. وبهذا قال أبو حنيفةَ، ومالِكٌ. وقال الشَّافِعيُّ: لا يجوزُ، حتى يُنْزَعَ عنه قِشْرُه الأعْلَى، إلَّا في الطَّلْعِ والسُّنْبُلِ. في أحَدِ القَوْلَيْنِ. واحْتَجَّ بأنَّه مَسْتُورٌ بما لا يُدَّخَرُ عليه، ولا مَصْلَحَةَ فيه، فلم يَجُزْ بَيْعُه، كتُرابِ الصَّاغَةِ والمَعادِنِ، وبَيْعِ الحَيَوانِ المَذْبُوحِ في سَلْخِه. ولَنا، أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عن بَيْعِ الثِّمارِ حتى يَبْدُوَ صلاحُها (٧)، وعن بَيْعِ السُّنْبُلِ حتى يَبْيَضَّ، ويَأْمَنَ العاهَةَ (٨). فمَفْهُومُه إباحَةُ بَيْعِه (٩) إذا بدا صَلاحُه (١٠) وابْيَضَّ سُنْبُلُه، ولأنّه مَسْتُورٌ بحائِلٍ مِن أصْلِ خِلْقَتِه (١١)، فجازَ بَيْعُه كالرُّمّانِ، والبَيْضِ، والقِشْرِ الأسْفَلِ. ولا يَصِحُّ قَوْلُهُم: ليس مِن مَصْلَحَتِه. فإنّه لا قِوامَ له في شَجَرَهِ إلَّا به، والباقِلَّا يُؤْكَلُ رَطْبًا، وقِشْرُه يَحْفَظُ رُطُوبَتَه. ولأنَّ الباقِلَّا يُباعُ في أسواقِ المُسْلِمِينَ مِن غيرِ نَكِيرٍ، فكان ذلك إجماعًا. وكذلك الجَوْزُ، واللَّوْزُ في شَجَرِهما. والحَيَوانُ المَذْبُوحُ يَجُوزُ بَيْعُه (١٢) في سَلْخِه، فإنّه إذا جازَ بَيْعُه قَبْلَ ذَبْحِه، وهو يُرادُ للذَّبْحِ، فكذلك إذا ذُبِحَ. كما أنَّ الرُّمّانَةَ إذا جازَ بَيْعُها قبلَ كَسْرِها، فكذلك إذا كُسِرَتْ. وأمّا تُرابُ الصّاغَةِ والمَعْدِنِ، فلَنا فيهما مَنْعٌ، وإنْ سُلِّمَ، فليس ذلك من أصلِ الخِلْقَةِ في تُرابِ الصّاغَةِ، ولا بَقاؤُه فيه مِن مَصْلَحَتِه، بخلافِ مَسْأَلَتِنا.

٧٢٧ - مسألة؛ قال: (وَكَذَلِك الرَّطْبَةُ كُلَّ جَزَّةٍ)

وجُمْلَةُ ذلك؛ أنّ الرَّطْبَةَ وما أَشْبَهَها، ممّا تَثْبُتُ أُصُولُه في الأرض، ويُؤْخَذُ ما ظَهَرَ منه بالقَطْعِ، دَفْعَةً بعدَ دَفْعَةٍ، كالنَّعْناعِ، والهِنْدِبا، وشِبْهِهِما، لا يجوزُ


(٧) تقدم تخريجه في صفحة ١٤٨.
(٨) تقدم تخريجه في صفحة ١٥١.
(٩) في الأصل: "بيعها".
(١٠) في الأصل: "صلاحها".
(١١) في الأصل: "الخلقة".
(١٢) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>