للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى يَرْجِعَ إليها. رَوَاه سَعِيدٌ (٢). قال: حَدَّثَنا حَمَّادُ بنُ زيدٍ، عن بِشْرٍ. ولما بَلَغَ ابنَ مَسْعُودٍ أن عُثمانَ صَلَّى أرْبَعًا اسْتَرْجَعَ، وقال: صَلَّيْتُ مع رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَكْعَتَيْنِ، ومع أبى بكرٍ رَكْعَتَيْنِ، ومع عمرَ رَكْعَتَيْنِ، ثم تَفَرَّقَتْ بكم الطُّرُقُ، وَوَدَدْتُ أن حَظِّى مِن أرْبَعٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتانِ (٣). وهذا قولُ مالِكٍ. ولا أعْلَمُ فيه مُخَالِفًا من الأئِمَّةِ إلَّا الشَّافِعِىَّ في أحَدِ قَوْلَيْهِ، قال: الإِتْمَامُ أفْضَلُ؛ لأنَّه أكْثَرُ عَمَلًا وعَدَدًا، وهو الأصْلُ، فكان أفْضَلَ، كَغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ. ولنَا، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُدَاوِمُ على القَصْرِ، بِدَلِيلِ ما ذَكَرْنا من الأخْبَارِ، وقال ابنُ عمرَ: صَحِبْتُ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في السَّفَرِ، فلم يَزِدْ على رَكْعَتَيْنِ حتى قَبَضَهُ اللهُ، وصَحِبْتُ أبا بكرٍ فلم يَزِدْ على رَكْعَتَيْنِ حتى قَبَضَهُ اللهُ، وصَحِبْتُ عمرَ فلم يَزِدْ على رَكْعَتَيْنِ حتى قَبَضَهُ اللهُ تَعَالَى. مُتَّفَقٌ عليه (٤). وعن ابنِ مَسْعُودٍ، وعِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ مثلُ ذلك. ورَوَى سَعِيدُ بن المُسَيَّبِ، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "خِيَارُكُمْ مَن قَصَرَ في السَّفَرِ وأفْطَرَ". رَوَاه [سعيد و] (٥) الأثْرَمُ (٦). مع ما ذَكَرْنا من أقْوَالِ الصَّحابةِ فيما مَضَى، ولأنَّه إذا قَصَرَ أَدَّى الفَرْضَ بالإِجْمَاعِ، وإذا أتَمَّ اخْتُلِفَ فيه، وأما الغَسْلُ فلا نُسَلِّمُ (٧) له أنه أفْضَلُ من المَسْحِ، والفِطْرُ نَذْكُرُه في بَابِه.

فصل: واخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ في الجَمْعِ، فرُوِىَ أنَّه أفْضَلُ من التَّفْرِيقِ؛ لأنَّه أكْثَرُ تَخْفِيفًا وسُهُولَةً، فكان أفْضَلَ كالقَصْرِ. وعنه التَّفْرِيقُ أفْضَلُ؛ لأنَّه خُرُوجٌ من الخِلَافِ، فكَان أفْضَلَ كالقَصْرِ، ولأنَّه لم يُنْقَلْ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- المُدَاوَمَةُ عليه،


(٢) تقدم في صفحة ١١٢.
(٣) تقدم في صفحة ١٠٤.
(٤) تقدم في صفحة ١٠٤.
(٥) سقط من: م.
(٦) وأخرجه ابن أبي شيبة، في: باب من كان يقصر الصلاة، من كتاب الصلاة. المصنف ٢/ ٤٤٩.
(٧) في الأصل: "يسلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>