للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يَجِبُ قَضاؤُها، ولم يَأْمُرِ النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عائشةَ بِقَضائِه، ولا فَعَلَتْهُ هى.

فصل: وكلُّ مُتَمَتِّعٍ خَشِىَ فَواتَ الحَجِّ، فإنَّه يُحْرِمُ بِالحَجِّ، ويَصِيرُ قَارِنًا، وكذلك المُتَمَتِّعُ الذى معه هَدْىٌ، فإنَّه لا يَحِلُّ من عُمْرَتِه، بل يُهِلُّ بِالحَجِّ معها، فيَصِيرُ قَارِنًا. ولو أدْخَلَ الحَجَّ على العُمْرَةِ قبلَ الطَّوَافِ مِن غير خَوْفِ الفَواتِ، جَازَ، وكان قَارِنًا، بغيرِ خِلافٍ، وقد فَعَلَ ذلك ابنُ عمرَ، ورَوَاهُ عن النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (٢٥). فأمَّا بعدَ الطَّوَافِ، فليس له ذلك، ولا يَصِيرُ قَارِنًا. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ. وَرُوِىَ عن عَطاءٍ. وقال مَالِكٌ: يَصِيرُ قَارِنًا. وحُكِىَ ذلك عن أبى حنيفةَ؛ لأنَّه أدْخَلَ الحَجَّ على إحْرامِ العُمْرَةِ، فصَحَّ، كما قبلَ الطَّوَافِ. ولَنا، أنَّه شَارِعٌ فى التَّحَلُّلِ من العُمْرَةِ، فلم يَجُزْ له (٢٦) إدْخَالُ الحَجِّ عليها، كما لو سَعَى بين الصَّفَا والمَرْوَةِ.

فصل: فأمَّا إدْخَالُ العُمْرَةِ على الحَجِّ، فغيرُ جائِزٍ، فإن فَعَلَ لم يَصِحَّ، ولم يَصِرْ قَارِنًا. رُوِىَ ذلك عن علىٍّ. وبه قال مالِكٌ، وإسْحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال أبو حنيفةَ: [ويَصِحُّ، ويَصِيرُ] (٢٧) قَارِنًا؛ لأنَّه أحَدُ النُّسُكَيْنِ، فجَازَ إدْخَالُه على الآخَرِ، قِيَاسًا على إدْخَالِ الحَجِّ على العُمْرَةِ. ولَنا، ما رَوَى الأثْرَمُ، بإسْنَادِه عن عبدِ الرحمنِ بن نَصْرٍ، عن أبِيه، قال: خَرَجْتُ أُرِيدُ الحَجَّ، فقَدِمْتُ المَدِينَةَ، فإذا علىٌّ قد خرج حَاجًّا، فأهْلَلْتُ بِالحَجِّ، ثم خَرَجْتُ، فأدْرَكْتُ عليًّا فى الطَّرِيقِ، وهو يُهِلُّ بِعُمْرَةٍ وحَجَّةٍ، فقلتُ: يا أبا الحسنِ، إنَّما خَرَجْتُ من الكُوفَةِ لأَقْتَدِىَ بك، وقد سَبَقْتَنِى، فأهْلَلْتُ بالحَجِّ، أفأسْتَطِيعُ أن أدْخُلَ معك فيما أنْتَ فيه؟ قال: لا، إنَّما ذلك لو كُنْتَ أهْلَلْتَ بِعُمْرَةٍ (٢٨). ولأنَّ


(٢٥) انظر ما أخرجه ابن ماجه، فى: باب طواف القارن، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ٩٩٠.
(٢٦) سقط من: ب، م.
(٢٧) فى الأصل: "لا يصح ولا يصير".
(٢٨) أخرجه البيهقى، فى: باب إدخال الحج على العمرة، من كتاب الحج. السنن الكبرى ٤/ ٣٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>