للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٠١٤ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا عَلِقَتْ مِنْهُ بِحُرٍّ فِى مِلْكِهِ، فَوَضَعَتْ بَعْضَ ما يَتَبَيَّنُ (١) فِيهِ خلْقُ الإِنْسانِ، كَانَتْ لَهُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ)

ذكرَ الْخِرَقِىُّ لمَصِيرِها أُمَّ ولَدٍ شُروطًا ثلاثَةً؛ أحدُها، أَنْ تَعْلَقَ منه بحُرٍّ. فأمَّا إِنْ علِقَتْ منه بمَمْلُوكٍ، ويُتَصَوَّرُ ذلك فى المِلْكِ فى (٢) مَوْضِعيَن؛ أحدُهما، فى العبدِ إذا مَلَّكَه سَيِّدُه، وقُلْنا: إنَّه يَمْلِكُ. فإنَّه إذا وَطِئَ أمَتَه واسْتَوْلَدَها، فوَلَدُه مَمْلوكٌ، ولا تَصِيرُ الأمَةُ أُمَّ وَلَدٍ يثْبُتُ لها حكمُ الاسْتيلادِ بذلك، وسَواءٌ أذِنَ له سَيِّدُه فى التَّسَرِّى بها أو لم يَأْذَن له. والثانِى، إذا اسْتَوْلَدَ المُكاتَبُ أَمَتَه، فإِنَّ ولدَه مَمْلوك له، وأمَّا الأمَةُ، فإنَّه لا تَثْبُتُ لها أحكامُ أُمِّ الولدِ فى العِتْقِ بمَوْتِه فى الحالَيْنِ (٣)؛ لأَنَّ المُكاتَبَ ليس بحُرٍّ، وولدُه منها ليس بحُرٍّ، فأَوْلَى أَنْ لا تَتَحَرَّرَ هى. ومتى عجَزَ المُكاتَبُ، وعادَ إلى الرِّقِّ، أو ماتَ قبلَ أداءِ كِتابَتِه، فهى أمَةٌ قِنٌّ، كأَمةِ العبدِ القِنِّ. وهل يَمْلِكُ المُكاتَبُ بَيْعَها، والتَّصَرُّفَ فيها؟ فيه اخْتلافٌ، ذكرَ القاضى فى مَوْضِعٍ، أنَّه لا يثْبُتُ فيها شىءٌ من أحْكامِ الاسْتِيلادِ، ولا تَصِيرُ أُمَّ ولدٍ بحالٍ. وهذا أحدُ قَوْلَىِ الشافِعِىِّ؛ لأَنَّها عَلِقَت بمَمْلوكٍ فى مِلْكٍ غيرِ تامٍّ، فلم يثبُتْ لها (٤) شىءٌ من أحْكامِ الاسْتِيلادِ، كأَمَةِ العبدِ القِنِّ. وظاهِرُ الذهبِ أنَّها مَوْقُوفَةٌ، لا يَمْلِكُ بَيْعَها، ولا نَقْلَ المِلْكِ فيها، فإنْ عتقَ، صارَتْ له أُمَّ ولدٍ، تَعْتِقُ بمَوْتِه، فيثْبُتُ لها من حُرْمَةِ الاسْتِيلادِ، ما يثبُتُ لوَلَدِها من حُرْمَةِ الحُرِّيَّةِ. وقد نَصَّ أحمدُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، على مَنْعِ بَيْعِها، ومَفْهومُ كَلامِ الْخِرَقِىِّ، يَحْتَمِلُ الوَجْهَيْن جميعًا. الشرطُ الثانِى، أَنْ تَعْلَقَ منه فى مِلْكِه، سَواءٌ كان [من وَطْءٍ] (٥) مُباحٍ أم مُحرَّمٍ، مثل الوَطْءِ فى الحَيْضِ، أو النِّفاسِ، أو الصَّوْمِ، أو الإِحْرامِ، أو الظِّهارِ، أو غيرِه. فأمَّا إِنْ علقَتْ منه فى غيرِ مِلْكِه، لم تصِرْ بذلك أُمَّ ولدٍ، سَواءٌ عَلِقَتْ منه بمَمْلُوكٍ، أو غُرَّ من أمَةٍ، وَتَزَوَّجَها على أنَّها حُرَّةٌ فاسْتَوْلَدَها، أو اشْتَرَى جارِيَةً فاسْتَوْلَدَها، فبانَتْ مُسْتَحَقَّةً، فإِنَّ الولدَ حُرٌّ، ولا تَصِيرُ


(١) فى ب، م: "يستبين".
(٢) سقط من: ب، م.
(٣) فى أ، ب، م: "الحال".
(٤) فى الأصل: "بها لهذا".
(٥) فى أ، ب: "بوطء".

<<  <  ج: ص:  >  >>