للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولَدِها، فإذا كان يومُ الأَضْحَى، فاذْبَحْها ووَلَدَها عن سَبْعَةٍ. روَاه سعيدُ بنُ منصورٍ (٤)، عن أبى الأَحْوَصِ، عن زُهَيْرٍ العَبْسِىِّ، عن المُغِيرةِ بن حذف، عن علىٍّ.

فصل: ولا يشْرَبُ من لَبَنِها إلَّا الفاضِلَ عن ولَدِها، فإنْ لم يفْضُلْ عنه شىءٌ، أو كان الحَلْبُ يضُرُّ بها، أو يَنْقُصُ لَحْمَها، لم يكُنْ له أخْذُه، وإِنْ لم يكُنْ كذلك، فله أَخْذُه والانْتِفاعُ به. وبهذا قال الشافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَحْلِبُها، ويرُشُّ على الضِّرْعِ الماءَ حتى ينْقَطِعَ اللَّبَنُ، فإن احْتَلَبَها، تَصَدَّقَ به؛ لأنَّ اللَّبَنَ مُتوِّلدٌ من الأُضْحِيَةِ الواجِبَة، فلم يَجُزْ للمُضَحِّى الانْتِفاعُ به، كالولَدِ. ولَنا، قولُ عَلِىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: لا تَحْلِبْها إلَّا فُضُلًا عن تَيْسِيرِ ولَدِها. ولأنَّه انْتِفاعٌ لا [يضُرُّ بها ولا بولدِه] (٥)، فأشْبَهَ الرُّكُوبَ، ويفارِقُ الولدَ، فإنَّه يُمْكِنُ إيصالُه إلى مَحِلِّه، أمَّا اللَّبَنُ، فإنْ حَلَبَهُ وَتَرَكَه فسدَ، وإِنْ لم يحْلِبْه، تَعَقَّدَ الضَّرعُ، وأَضَرَّ بها، فجُوِّزَ له شُرْبُه، وإِنْ تَصَدَّقَ به كان أَفْضَلَ. وإِنْ احْتَلَبَ ما يضرُّ بها أو بولَدِها، لم يجُزْ له، وعليه أَنْ يَتَصَدَّقَ به. فإنْ قيلَ: فصوفُها وشَعَرُها وَوَبَرُها إذا جَزَّهُ، تَصَدَّقَ بِه، ولم ينتفعْ به، فلم أجَزْتُم له الانْتِفاعَ باللَّبَنِ؟ قُلْنا: الفرقُ بينهما من وَجْهَيْن، أحدُهما، أنّ لَبَنَها يتولَّدُ من غذائِها وعَلَفِها، وهو القائِمُ به، فجازَ صَرْفُه إليه، كما أنّ المُرْتَهِنَ إذا علفَ الرَّهْنَ كان له أَنْ يحلِبَ، ويَرْكَبَ، وليس له أَنْ يأْخُذَ الصُّوفَ ولا الشَّعَرَ. الثانى، أَنَّ الصُّوفَ والشَّعَرَ ينتفَعُ به على الدَّوامِ، فجرَى مَجْرَى جِلْدِها وأَجْزائِها، واللَّبَنُ يُشْرَبُ ويُؤْكَلُ شيئًا فشيئا، فجَرَى مَجْرَى مَنافِعِها ورُكوبِها، ولأنَّ اللَّبَنَ يتجدَّدُ كُلَّ يومٍ، والصُّوفَ والشَّعَرَ عَيْنٌ مَوْجُودَةٌ دائِمَةٌ فى جَمِيع الحَوْلِ.

فصل: وأمَّا صُوفُها، فإنْ كان جَزُّه أَنْفَعَ لها، مثل أَنْ يكونَ فى زمَنِ الرَّبيعِ، تَخِفُّ بجَزِّه وتَسْمَنُ، جازَ جَزُّه، ويتَصَدَّقُ به، وإِنْ كان لا يضُرُّ بها، لقُرْب مُدَّةِ الذَّبْحِ، أو كان بقاؤُه أنْفَعَ لها، لكَوْنِه يقيها الْحَرَّ والبَرْدَ، لم يجُزْ له أخْذُه، كما أنَّه ليس له أَخْذُ بعضِ أجْزائِها.


(٤) وأخرجه البيهقى، فى: باب ما جاء فى ولد الأضحية ولبنها، من كتاب الضحايا. السنن الكبرى ٩/ ٢٨٨.
(٥) فى ب، م: "يضرها".

<<  <  ج: ص:  >  >>