للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِفَسْخِه فى الباطِنِ، كالرَّدِّ بالعَيْبِ. ويَقْوَى عِنْدِى أنَّه إنْ فَسَخَه الصَّادِقُ مِنهما، انْفَسَخَ ظاهِرًا وباطِنًا؛ لذلك. وإنْ فَسَخَه الكاذِبُ عالِمًا بكَذِبِه، لم يَنْفَسِخْ بالنِّسْبَةِ إليه؛ لأنّه لا يَحِلُّ له الفَسْخُ، فلم يَثْبُتْ حُكْمُه بالنِّسْبَةِ إليه، ويَثْبُتُ بالنِّسْبَةِ إلى صاحِبِه، فيُباحُ له التَّصَرُّفُ فيما رَجَعَ إليه؛ لأنَّه رَجَعَ إليه بِحُكْمِ الشَّرْعِ مِن غيرِ عُدْوَانٍ منه، فأشْبَهَ ما لو رَدَّ عليه المَبِيعَ بدَعْوَى العَيْبِ، ولا عَيْبَ فيه.

٧٥٤ - مسألة؛ قال: (فَإنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ تَالِفَةً تَحَالَفَا وَرَجَعَا إلَى قِيمَةِ مِثْلِهَا، إلَّا أنْ يَشَاءَ المُشْتَرِى أنْ يُعْطِىَ الثَّمَنَ عَلَى مَا قَالَ الْبَائِعُ. فَإنِ اختَلَفَا فى الصِّفَةِ، فَالْقَوْلُ (١) قَوْلُ المُشْتَرِى، مَعَ يَمِينِه فِى الصِّفَةِ)

وجُمْلَتُه؛ أنّهما إذا اخْتَلَفا فى ثَمَنِ السِّلْعَةِ بعدَ تَلَفِها، فعن أحمدَ فيها رِوايَتانِ؛ إحداهما، يَتَحالَفانِ، مِثْل ما لو كانت قائِمَةً. وهو قولُ الشّافِعِىِّ، وإحْدَى الرِّوايَتَيْنِ عن مالِكٍ. والأُخْرَى، القولُ قولُ المُشْتَرِى مع يَمِينِه. اختارها أبو بكرٍ. وهو (٢) قولُ النَّخَعِىِّ، والثَّوْرِىِّ، والأوْزاعِىِّ، وأبى حنيفةَ؛ لقولِه عليه السَّلامُ فى الحَدِيثِ: "وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ" (٣). فمَفْهُومُه أنّه لا يُشْرَعُ التَّحالُفُ عندَ تَلَفِها. ولأنّهما اتَّفَقا على نَقْلِ السِّلْعَةِ إلى المُشْتَرِى، واسْتَحْقاقِ عَشَرَةٍ فى ثَمَنِها، واخْتَلَفا فى عَشَرَةٍ زائِدَةٍ، البائِعُ يَدَّعِيها والمُشْتَرِى يُنْكِرُها، والقولُ قولُ المُنْكِرِ. وتَرَكْنا هذا القِياسَ حالَ قِيامِ السِّلْعَةِ للحَدِيثِ الواردِ فيه، فَفِيما عداه يَبْقَى على القِياسِ. وَوَجْهُ الرِّوايَةِ الأُولَى عُمُومُ قولِه: "إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِى بِالْخِيَارِ" (٣). وقال أحمدُ: ولم يَقُلْ فيه: "وَالْمَبِيعُ قَائِمٌ". إلّا يَزِيدُ ابن هارُونَ. قال أبو عبدِ اللهِ: وقد أخْطَأ رُوَاةُ الحَلِفِ عن المَسْعُودِىِّ (٤)، لم


(١) فى م: "بالقول". تحريف.
(٢) فى م: "وهذا".
(٣) تقدم التخريج فى صفحة ٢٧٩، والحديث الثانى فى صفحة ٢٨٠.
(٤) راوى الحديث عن ابن مسعود، وتقدم فى صفحة ٢٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>