للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تَتَقَيَّدُ به. القسم الرابع، أن يُوصِىَ بالواجِبِ ويَقْرِنَ بها (١٤) الوَصِيّةَ بتَبَرُّعٍ (١٥)، مثل أن يقول: حُجُّوا عَنِّى، وأدُّوا دَيْنِى، وتَصَدَّقُوا عَنِّى. ففيه وَجْهانِ؛ أصحُّهما، أنَّ الواجِبَ من رَأْسِ المالِ؛ لأنَّ الاقْتِرانَ في اللَّفْظِ لا يَدُلُّ على الاقْتِرَانِ في الحُكْمِ، ولا في كَيْفِيَّتِه، ولذلك قال اللهُ تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (١٦). والأكْلُ غيرُ واجِبٍ، والإِيتَاءُ واجِبٌ، ولأنَّه ههُنا قد عَطَفَ غيرَ الواجِبِ عليه، فكما لم يَسْتَوِيَا في الوُجُوبِ لا يَلْزَمُ اسْتِوَاؤُهُما في مَحَلِّ الإخْرَاجِ. والثانى، أنَّه من الثُّلُثِ؛ لأنَّه قَرنَ به ما مَخْرَجُه من الثُّلُثِ.

٩٨٢ - مسألة؛ قال: (وَإنْ قَالَ: حَجَّةٌ بخمْسِمِائَةٍ. فَمَا فضَلَ فَهُوَ لِمَنْ يَحُجُّ)

وجملتُه أنَّه إذا أوْصَى أن يُحَجَّ عنه بِقَدْرٍ من المالِ حَجَّةٌ واحِدَةٌ، وكان فيه فَضْلٌ عن قَدْرِ ما يُحَجُّ به، فهو لمن يَحُجُّ؛ لأنَّه قَصَدَ إرْفَاقَه بذلك، فكأنَّه صَرَّحَ، بأن قال: حُجُّوا عَنِّى حَجَّةً واحِدَةً بخَمْسِمائةٍ، وما فَضَلَ منها فهو لمن يَحُجُّ. ثم إن عَيَّنَ مَنْ يَحُجُّ عنه، فقال: يَحُجُّ عَنِّى فُلانٌ بخَمْسمائةٍ. صُرِفَ ذلك إليه. وإن لم يُعَيِّنْ أحَدًا، فلِلْوَصِيِّ صَرْفُها إلى مَنْ شَاءَ؛ لأنَّه فَوَّضَ إليه الاجْتِهَادَ، إلَّا أنَّه لا يَمْلِكُ صَرْفَها إلى وارِثٍ، إذا كان فيها فَضْلٌ إلَّا بإِذْنِ الوَرَثةِ، وإن لم يكُنْ فيها فَضْلٌ، جازَ؛ لأنَّها لا مُحاباةَ فيها، ثم يُنْظَرُ؛ فإن كان الحَجُّ المُوصَى (١) به تَطَوُّعًا، فجَمِيعُ القَدْرِ المُوصَى به من الثُّلُثِ، وإن كان واجِبًا، فالزَّائِدُ عن نَفَقَةِ المِثْلِ يُعْتَبَرُ من الثُّلُثِ. وإن لم يَفِ


(١٤) سقط من: م.
(١٥) في م: "بالتبرع".
(١٦) سورة الأنعام ١٤١.
(١) في م: "للموصى".

<<  <  ج: ص:  >  >>