للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَنْصُوصٍ عليه، ولا فى مَعْنَى المَنْصُوصِ عليه، فيَبْقَى على الأصْلِ. وإن سَاحَقَ المَجْبُوبُ فأَنْزَلَ، فَحُكْمُه حُكْمُ مَن جَامَعَ دُونَ الفَرْجِ فأنْزَلَ.

فصل: وإن جامَعَتِ المَرْأَةُ نَاسِيَةً لِلصَّوْمِ. فقال أبو الخَطَّابِ: حُكْمُ النِّسْيانِ حُكْمُ الإِكْراهِ، ولا كَفَّارَةَ عليها فيهما، وعليها القَضاءُ؛ لأنَّ الجِمَاعَ يَحْصُلُ به الفِطْرُ فى حَقِّ الرَّجُلِ مع النِّسْيَانِ، فكذلك فى حَقِّ المَرْأَةِ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَلْزَمُها القَضَاءُ؛ لأنَّه مُفْسِدٌ لا يُوجِبُ الكَفَّارَةَ، فأشْبَهَ الأكْلَ.

فصل: وإن أُكْرِهَ الرَّجُلُ على الجِمَاعِ، فَسَدَ صَوْمُه؛ لأنَّه إذا أُفْسِدَ صَوْمُ المَرْأَةِ فصَوْمُ الرَّجُلِ أَوْلَى. وأمَّا الكَفَّارَةُ، فقال القاضى: عليه الكَفَّارَةُ؛ لأنَّ الإِكْرَاهَ على الوَطْءِ لا يُمْكِنُ، لأنَّه لا يَطَأُ حتى يَنْتَشِرَ، ولا يَنْتَشِرُ إلَّا عن شَهْوَةٍ، فكان كغيرِ المُكْرَهِ. وقال أبو الخَطَّابِ: فيه رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُما، لا كَفَّارَةَ عليه. وهو مذهبُ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّ الكَفَّارَةَ إمَّا أن تكونَ عُقُوبَةً، أو ماحِيَةً لِلذَّنْبِ، ولا حاجَةَ إليها مع الإِكْرَاهِ، لِعَدَمِ الإِثْمِ فيه، ولِقَوْلِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "عُفِىَ لأُمَّتِى عَنِ الْخَطَأِ والنِّسْيَانِ، وما اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ" (١٢). ولأنَّ الشَّرْعَ لم يَرِدْ بوُجُوبِ الكَفَّارَةِ فيه، ولا يَصِحُّ قِياسُه على ما وَرَدَ الشَّرْعُ فيه، لاخْتِلَافِهما فى وُجُودِ العُذْرِ وعَدَمِه. فأمَّا إن كان نَائِمًا، مثل أن كان عُضْوُهُ مُنْتَشِرًا فى حالِ نَوْمِه، فاسْتَدْخَلَتْهُ امْرَأَتُه. فقال ابنُ عَقِيلٍ: لا قَضاءَ عليه ولا كَفَّارَةَ. وكذلك إن كان إلْجَاءً، مثل أنْ (١٣) غَلَبَتْهُ فى حال يَقَظَتِه على نَفْسِه. وهذا مذهبُ الشَّافعِىِّ؛ لأنَّه مَعْنًى حَرَّمَهُ الصَّوْمُ حَصَلَ بغيرِ اخْتِيَارِه، فلم يُفْطِرْ به، كما لو أطَارَتِ الرِّيحُ إلى حَلْقِه ذُبَابَةً. وظاهِرُ كلامِ أحمدَ، أنَّ عليه القَضاءَ؛ لأنَّه قال فى المَرْأَةِ إذا غَصَبَها رَجُلٌ نَفْسَها فجَامَعَها: عليها القَضاءُ. فالرَّجُلُ أَوْلَى. ولأنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ يُفْسِدُهَا


(١٢) تقدم تخريجه فى ١/ ١٤٦.
(١٣) سقط من: ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>