للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِاعْتِقَادِه أنَّه ما أخَذَ (٣) عِوَضًا. وإنْ كان شِقْصًا لَمْ تَثْبُتْ (٤) فيه الشُّفْعَةُ؛ لأنَّه يَعْتَقِدُه علَى مِلْكِه، لم يَزُلْ، وما مَلَكَهُ بالصُّلْحِ. ولو دَفَعَ المُدَّعَى عليه [إلى المُدَّعِى] (٥) ما ادَّعَاهُ أو بعضَه، لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ حُكْمُ البَيْعِ، ولا تَثْبُتُ فيه الشُّفْعَةُ؛ لأنَّ المُدَّعِىَ يَعْتَقِدُ أنَّه اسْتَوْفَى بعضَ حَقِّه، وأخَذَ عَيْنَ مَالِه، مُسْتَرْجِعًا لها مِمَّنْ هى عِنْدَه، فلَمْ يَكُنْ بَيْعًا، كاسْتِرْجاعِ العَيْنِ المَغْصُوبَةِ. فأمَّا إنْ كان أحَدُهُما كاذِبًا، مثْلُ أن يَدَّعِىَ المُدَّعِى شيئًا يَعْلَمُ أنَّه ليس له، [أو يُنْكِرُ] (٦) المُنْكِرُ حَقًّا يَعْلَمُ أنَّه عليه، فالصُّلْحُ بَاطِلٌ فى الباطِنِ؛ لأنَّ المُدَّعِىَ إذا كان كاذِبًا، فما يَأْخُذُه أكْلُ مَالٍ بالبَاطِلِ، أخَذَهُ بِشَرِّه وظُلْمِه ودَعْوَاهُ البَاطِلَةِ، لا عِوَضًا عن حَقٍّ له، فيكونُ حَرَامًا عليه، كمَن خَوَّفَ رَجُلًا بِالقَتْلِ حتى أخَذَ مَالَهُ. وإن كان صَادِقًا، والمُدَّعَى عليه يَعْلَمُ صِدْقَه وثُبُوتَ حَقِّه، فجَحَدَهُ لِيَنْتَقِصَ حَقَّهُ، أو يُرْضِيَهُ عنه بشىءٍ، فهو هَضْمٌ لِلْحَقِّ، وأَكْلُ مالٍ بالبَاطِلِ، فيكونُ ذلك حَرَامًا، والصُّلْحُ باطِلٌ، ولا يَحِلُّ له مَالُ المُدَّعِى بذلك. وقد ذَكَرَهُ الخِرَقِىُّ فقالَ (٧): "وإِنْ كانَ يَعْلَمُ ما عَلَيْهِ فجَحَدَهُ، فالصُّلْحُ بَاطِلٌ". يعنِى فى الحَقِيقَةِ، وأَمَّا الظَّاهِرُ لَنا فهو الصِّحَّةُ؛ لأنَّنا لا نَعْلَمُ بَاطِنَ الحالِ، وإنَّما يَنْبَنِى الأَمْرُ علَى الظَّوَاهِرِ، والظَّاهِرُ من المُسْلِم السَّلَامَةُ.

فصل: ولو ادَّعَى علَى رَجُلٍ وَدِيعَةً، أو قَرْضًا، أو تَفْرِيطًا فى وَدِيعَةٍ أو مُضَارَبةٍ، فأنْكَرَهُ، واصْطَلَحا، صَحَّ لِمَا ذَكَرْنَاهُ.

فصل: وإنْ صَالَحَ عن المُنْكِرِ أَجْنَبِىٌّ، صَحَّ، سواءٌ اعْتَرَفَ لِلْمُدَّعِى بِصِحَّةِ دَعْوَاه أوْ لم يَعْتَرِفْ، وسواءٌ كان بإِذْنِه أو غيرِ إِذْنِه. وقال أصْحابُ الشَّافِعِىِّ: إنَّما يَصِحُّ


(٣) فى ب: "أخذه".
(٤) فى ب: "تجب".
(٥) سقط من: أ، ب، م.
(٦) فى ب، م: "وينكر".
(٧) فى أ، م: "فى قوله".

<<  <  ج: ص:  >  >>