للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ويجوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ إجارَةُ العَيْنِ، بمِثْلِ الأجْرِ وزِيَادَة. نَصَّ عليه أحمدُ. ورُوِى ذلك عن عَطاءٍ، والحسَنِ، والزُّهْرِيِّ. وبه قال الشافِعِيُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وعن أحمدَ، أنَّه إن أحْدَثَ في العَيْنِ زِيَادةً، جازَ له أن يُكْرِيَها بزِيَادَةٍ، وإلَّا لم تَجُز الزِّيَادَةُ، فإن فَعَلَ، تَصَدَّقَ بالزِّيادةِ. رَوَى هذا الشَّعْبِيُّ. وبه قال الثَّوْرِيُّ، وأبو حنيفةَ؛ لأنَّه يَرْبَحُ بذلك فيما لم يضْمَنْ، وقد نَهَى النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن رِبْحِ ما لم يُضْمَنْ (١٨)، ولأنَّه يَرْبَحُ فيما لم يضْمَنْ، فلم يَجُزْ، كما لو رَبِحَ في الطَّعامِ قبلَ قَبْضِه. ويُخالِفُ ما إذا عَمِلَ عَمَلًا فيها؛ لأنَّ الرِّبْحَ في مُقَابَلةِ العَمَلِ. وعن أحمدَ، رِوَايةٌ ثالِثةٌ، إن أَذِنَ له المالِكُ في الزِّيادَةِ، جازَ، وإلَّا لم يَجُزْ. وكَرِهَ ابنُ المُسَيَّبِ، وأبو سَلَمةَ، وابنُ سِيرِينَ، ومجاهِدٌ، وعِكْرِمَةُ، والشَّعْبِيُّ، والنَّخَعِيُّ، الزِّيادَةَ مُطْلَقا؛ لِدُخُولِها في رِبْحِ ما لم يُضْمَنْ. ولَنا، أنَّه عَقْدٌ يجوزُ بِرَأْسِ المالِ، فجازَ بزِيَادةٍ، كبَيْعِ المَبِيعِ بعدَ قَبْضِه، وكما لو أحْدَثَ عِمَارةً لا يُقَابِلُها جُزْءٌ من الأجْرِ، وأمَّا الخَبَرُ، فإنَّ المنَافِعَ قد دَخَلَتْ في ضَمَانِه من وَجْهٍ، فإنَّها لو فاتَتْ من غير اسْتِيفَائه، كانت من ضَمَانِه. ولا يَصِحُّ القِياسُ على بَيْعِ الطَّعامِ قبلَ قَبْضِه؛ فإنَّ البَيْعَ مَمْنُوعٌ منه بالكُلِّيّةِ، سواءٌ رَبِحَ أو لم يَرْبَحْ، وههُنا جائِزٌ في الجُمْلةِ، وتَعْلِيلُهُم بأنَّ الرِّبْحَ في مُقَابَلةِ عَمَلِه، مُلْغًى بما إذا كَنَسَ الدّارَ ونَظَّفَها، فإنَّ ذلك يَزِيدُ في أجْرِهَا في العادَةِ.

فصل: ونَقَلَ الأثْرَمُ، عن أحمدَ، أنَّه سَأَلَهُ عن الرَّجُلِ يَتَقَبَّلُ العَمَلَ من الأعْمالِ، فَيُقَبِّلُهُ بأقَلَّ من ذلك، أيجوزُ له الفَضْلُ؟ قال: ما أدْرِى، هي مَسْأَلةٌ فيها بعضُ الشىءِ. قلتُ: أليس كان الخَيَّاطُ أسْهَلَ عندَك، إذا قَطعَ الثَّوْبَ، أو غيرَه إذا عَمِلَ في العَمَلِ شيئا؟ قال: إذا عَمِلَ عَمَلًا فهو أسْهَلُ. قال النَّخَعِيُّ: لا بَأْسَ أن يَتَقَبَّلَ الخَيّاطُ الثِّيَابَ بأَجْرٍ مَعْلُومٍ، ثم يُقَبِّلُها بعدَ ذلك بعدَ أن يُعِينَ فيها، أو يَقْطَعَ، أو يُعْطِيَه سُلُوكًا أو إبَرًا، أو يَخِيطَ [فيها شيئا، فإن لم يُعِنْ] (١٩) فيها بشيءٍ، فلا يَأْخُذَن فَضْلًا. وهذا يَحْتَمِلُ


(١٨) تقدم تخريجه في: ٦/ ٣٣٤.
(١٩) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>