للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك يَخْتَلِفُ، وليس له ضابِطٌ، فيكون مَجْهُولًا. وإن اتَّفقَا على أن يَرْكَبَ ثلاثةَ أيامٍ، [ويَمْشِىَ ثَلاثَةَ أيَّامٍ] (٢٦)، أو ما زادَ ونَقَصَ، جازَ. وإن اختَلَفا، لم يُجْبَر المُمْتَنِعُ منهما؛ لأنَّ فيه ضَرَرًا على كلِّ واحدٍ منهما؛ الماشِى لِدَوَامِ المَشْىِ عليه، وعلى الجَمَلِ لِدَوامِ الرُّكُوبِ عليه، ولأنَّه إذا رَكِبَ بعد شِدَّةِ (٢٧) تَعَبِه كان أثْقَلَ على البَعِيرِ. وإن اكْتَرَى اثْنانِ جَمَلًا يَرْكَبانِه عُقْبةً وعُقْبةً، جازَ، ويكونُ كِرَاؤُهُما طولَ الطَّرِيقِ، والاسْتِيفَاءُ بينهما على ما يَتَّفِقَانِ عليه (٢٨). وإن تَشَاحّا، قُسِمَ بينهما لكلِّ واحدٍ منهما فَرَاسِخُ مَعْلُومَةٌ، أو لأحَدِهِما اللَّيلُ وللآخَرِ النَّهارُ. وإن كان لذلك عُرْفٌ، رُجِعَ إليه وإن اخْتَلَفَا في البادىءِ منهما، أُقْرِعَ بينهما. ويَحْتَمِلُ أن لا يَصِحَّ كِرَاؤُهُما، إلَّا أن يَتَّفِقَا على رُكُوبٍ مَعْلُومٍ لكلِّ واحدٍ منهما؛ لأنَّه عَقْدٌ على مَجْهُولٍ بالنِّسْبةِ إلى كلِّ واحدٍ منهما، فلم يَصِحَّ، كما لو اشْتَريَا عَبْدَيْنِ على أنَّ لكلِّ واحدٍ منهما عَبْدًا مُعَيَّنًا (٢٨) منهما.

٩٠٨ - مسألة؛ قال: (فَإنْ رَأَى الرَّاكِبَيْنِ، أو وُصِفَا لَهُ، وذُكِرَ الْباقِى بأَرْطَالٍ مَعْلُومةٍ، فَجَائِزٌ)

وجملتُه أنَّ المَعْرِفةَ بالوَصْفِ تَقُومُ مَقَامَ الرُّؤْيةِ في الرَّاكِبَيْنِ، إذا وَصَفَهُما بما يَخْتَلِفانِ به، في الطُّولِ والقِصَرِ، والهُزَالِ والسِّمَنِ، والصِّحَّةِ والمَرَضِ، والصِّغَرِ والكِبَرِ، والذُّكُورِيَّةِ والأُنُوثِيَّةِ، والباقِى يَكْفِى فيه ذِكْرُ الوَزْنِ. وقال الشَّرِيفُ أبو جعفرٍ، وأبو الخَطَّابِ: لا بُدَّ من مَعْرِفةِ الرّاكِبَيْنِ بالرُّؤْيةِ؛ لأنَّه يَخْتَلِفُ بِثِقْلِه وخِفَّتِه، وسُكُونِه وحَرَكَتِه، ولا يَنْضَبِطُ بالوَصْفِ، فيَجِبُ تَعْيِينُه. وهذا مذهبُ الشافِعِيِّ. ولهم في المَحْمِلِ وَجْهٌ، أنَّه لا تَكْفِى فيه الصِّفَةُ، ويَجِبُ تَعْيِينُه. ولَنا، أنَّه عَقْدُ مُعَاوَضةٍ مُضَافٌ إلى حَيَوانٍ، فاكتُفِىَ فيه بالصِّفَةِ، كالبَيْعِ، وكالمَرْكُوبِ في الإِجَارَةِ، ولأنَّه


(٢٦) سقط من: ب.
(٢٧) في ب: "مدة".
(٢٨) سقط من: الأصل، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>