للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَاوُدَ. وفي "مُسْنَدِ عَبْدِ بنِ حُمَيْدٍ": "والنَّصْرَانِىُّ، والمَرْأَةُ الحَائِضُ". وهذا الحَدِيثُ لو ثَبَتَ، لتَعَيَّنَ المَصِيرُ إليه، غيرَ أنَّه لم يَجْزِمْ بِرَفْعِه، وفيه ما هو مَتْرُوكٌ بالإِجْماعِ، وهو ما عَدَا الثَّلَاثَة المَذْكُورَة، ولا يُمْكِنُ تَقْيِيدُ (٤٠) ذلك بمَوْضِعِ السُّجُودِ؛ فإنَّ قَوْلَه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذَا لَم تَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، قَطَعَ صَلاتَه الكَلبُ الأسْوَدُ". يَدُلُّ علَى أنَّ ما هو أبْعَدُ من السُّتْرَةِ تَنْقَطِعُ صَلَاتُه بمُرُورِ الكلبِ فيه، والسُّتْرَةُ تكونُ أبْعَدَ من مَوْضِعِ السُّجُودِ، والصَّحِيحُ تَحْدِيدُ ذلك بما إذا مَشَى إليه، ودَفَعَ المَارَّ بين يَدَيْه، لا تَبْطُلُ صلاتُه؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمَرَ بِدَفْعِ المَارِّ بين يَدَيْهِ (٤١)، فتَقَيَّدَ بدلالةِ (٤٢) الإِجْمَاعِ بما يَقْرُبُ منه، بحيثُ إذا مَشَى إليه لم تَبْطُلْ صلاتُه، واللَّفْظُ في الحَدِيثَيْنِ واحِدٌ، وقد تَعَذَّرَ حَمْلُهما على إطْلَاقِهما، وقد تَقَيَّدَ أحَدُهما بِدَلَالَةِ الإِجْمَاعِ بِقَيْدٍ، فتَقَيَّدَ الآخَرُ به. واللهُ أعلمُ.

فصل: إذا صَلَّى إلى سُتْرَةٍ مَغْصُوبَةٍ، فاجْتَازَ وَرَاءها كَلْبٌ أسْوَدُ، فهل تَنْقَطِعُ صَلَاتُه؟ فيه وَجْهانِ ذَكَرَهُما ابنُ حَامِدٍ: أحَدُهما، تَبْطُلُ صَلَاتُهُ؛ لأنَّه مَمْنُوعٌ مِن نَصْبِها، والصلاةِ إليها، فوُجُودُها كعَدَمِها. والثاني، لا تَبْطُلُ؛ لِقَوْلِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَقى ذَلِكَ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ" (٤٣). وهذا قد وُجِدَ. وأصْلُ الوَجْهَيْنِ إذْا صَلَّى في ثَوْبٍ مَغْصُوبٍ، هل تَصِحُّ صلاتُه؟ على رِوايتَيْن.


(٤٠) في أ، م: "تقيد".
(٤١) تقدم في صفحة ٩٢.
(٤٢) في م: "لدلالة".
(٤٣) تقدم في صفحة ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>