للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤٠٤ - مسألة؛ قال: (وخَالَةُ الْأَبِ أحَقُّ مِنْ خَالَةِ الْأُمِّ)

وجملتُه أنَّه إذا عُدِمَتِ الأمَّهاتُ والآباءُ والأخواتُ، انْتَقَلتِ الحضانةُ إلى الخالاتِ، ويُقَدَّمْنَ على العَمَّاتِ. نَصَّ عليه أحمدُ. ويَحْتَمِلُ (١) كَلامُ الْخِرَقِىِّ تَقْدِيمَ العَمّاتِ؛ لأنَّه قَدَّمَ خالةَ الأبِ، وهى أخْتُ أُمِّه، على خالةِ الأُمِّ، وهى أخْتُ أُمِّها، فيَدُلُّ ذلك على تَقْدِيمِ قَرابةِ الأبِ على قَرابةِ الأُمِّ، ولأنَّهن يُدْلِينَ بعَصَبةٍ، فقُدِّمْنَ، كتَقْديمِ الأُخْتِ من الأبِ على الأُخْتِ من الأُمِّ. وقال القاضي: مُرَادُ الْخِرَقِىِّ بقَوْلِه: خالة الأَبِ. أي الخالةُ من الأَبِ تُقَدَّمُ على الخالةِ من الأُمِّ، كتَقْديمِ الأُخْتِ من الأبِ على الأُخْتِ من الأُمِّ؛ لأنَّ الخالاتِ أخواتُ الأُمِّ، فيَجْرِينَ في الاسْتِحْقاقِ والتَّقْديمِ فيما (٢) بينَهُنَّ مَجْرَى الأَخَواتِ المُفْتَرِقاتِ، وكذلك الحكمُ في العَمَّاتِ المُفْترِقاتِ. فإن قُلْنا بتَقديمِ (٣) الخالاتِ، فإذا انْقَرَضْنَ فالعَمَّاتُ بَعْدَهُنَّ، وإن قُلْنا بتَقْديمِ العَمَّاتِ، فالخالاتُ بعدَهُنَّ، فإذا عُدِمْنَ، انتقلَتْ إلى خالاتِ الأبِ، على قولِ الْخِرَقِىِّ، وعلى القولِ الآخَرِ، إلى خالاتِ الأُمِّ. وهل يُقَدّمُ خالاتُ الأبِ على عَمَّاتِه؟ على وَجْهَيْنِ، بناءً على ما ذكرْنا في الخالاتِ والعَمَّاتِ. فأمَّا عَمَّاتُ الأُمِّ، فلا حَضانةَ لهُنَّ؛ لأنَّهُنَّ يُدْلِينَ بأبِى الأُمِّ، وهو رَجُلٌ من ذَوِى الأرْحامِ، لا حَضانةَ له، ولا لمن أَدْلَى به.

فصل: وللرِّجالِ من العَصَباتِ مَدْخَلٌ في الحَضانةِ، وأَوْلاهُم الأَبُ، ثم الجَدُّ أبو الأبِ وإن عَلَا، ثم الأخُ من الأبَوَيْنِ، ثم الأخُ من الأبِ، ثم بَنُوهم وإن سَفَلُوا، على تَرْتيبِ المِيراثِ، ثم العُمُومةُ، ثم بَنُوهم كذلك، ثم عُمُومةُ الأبِ، ثم بَنُوهم. وهذا قولُ الشافعىِّ. وقال بعضُ أصحابِه: لا حَضانةَ لغيرِ الآباءِ والأجْدادِ؛ لأنَّهم لا مَعْرِفةَ لهم بالحضانةِ، ولا لهم وِلايةٌ بأنْفُسِهِم، فلم يكُنْ لهم حَضانةٌ، كالأجانِبِ. ولَنا،


(١) في ب: "ويحمل".
(٢) في ب: "على ما".
(٣) في ب: "بتقدم".

<<  <  ج: ص:  >  >>