للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأنَّه يَفْتَقِر إلى اسْمِ اللَّه تعالى، ويَسْتَوِى فيه الذَّكَرُ والأُنثى. وأمَّا تسْمِيَتُه شهادةً، فلقَوْلِه فى يَمِينه: أشْهَدُ باللَّه. فسَمَّى ذلك شهادةً وإن كان يَمِينًا، كما قال تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} (١٠) ولأنَّ الزَّوْجَ يَحْتاجُ إلى نَفْىِ الوَلَدِ، فيُشْرَعُ له طريقًا إلى نَفْيِه، كما لو كانتِ امرأتُه مِمَّن يُحَدُّ بقَذْفِها. وهذه الرِّوايةُ هى المنصوصةُ عن أحمدَ، فى روايةِ الجماعةِ. وما يُخالِفها شَاذٌّ فى النَّقْل. وأمَّا قولُ الْخِرَقِىِّ: وإذا قَذَفَ زوجتَه البالغةَ الحُرَّةَ المسلمةَ. فيَحْتَمِلُ أنَّه شَرَطَ هذا لوُجوبِ الحَدِّ عليه، لا لِنَفْىِ اللِّعان. ويَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هذا شَرْطًا عندَه فى الْمَرْأَةِ، لتَكُوَنَ مِمَّن يَجِبُ عليه الحَدُّ بقَذْفِها، فيَنْفِيَه باللِّعان، ولا يُشْتَرَطُ فى الزَّوْجِ شىءٌ مِن ذلك؛ لأنَّ الحَدَّ يَجِبُ عليه بقَذْفِ المُحْصَنَةِ، وإِنْ كان ذِمِّيًّا أو فاسِقًا. فأمَّا قولُه: مُسْلِمًا كان أو كافرًا. ففيه نَظَرٌ؛ لأنَّه أوْجِبَ عليه بقَذْفِ زَوْجتِه المُسْلِمَةِ، والكافِرُ لا يَكُون زوجًا لمسلمةٍ، فَيَحْتاجُ إلى تَأْوِيلِ لَفْظِه بحَمْلِه على أحَد شَيْئَيْنِ؛ أحدِهما: أنَّه أرادَ أَنَّ الزَّوْجَ يُلاعِنُ زَوْجتَه، وإِنْ كان كافرًا، فرَدَّ ذلك إلى اللِّعانِ، لا إلى (١١) الْحَدِّ. الثَّانى، أنَّه أرادَ ما إذا أسْلَمَتْ زوجتُه، فقذَفها فى عِدَّتِها، ثم أسْلَم الزَّوْجُ، فإنه يُلاعِنُ.

فصل: ولا فَرْقَ بينَ كَوْنِ الزَّوجةِ مَدْخُولًا بها أو غيرَ مَدخولٍ بها، فى أنَّه يُلاعِنُها. قال ابنُ المُنْذِر: أجْمَعَ على هذا كُلُّ مَن نَحْفَظُ عنه مِن علماءِ الأمصارِ؛ منهم عطاءٌ، والحسنُ، والشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، وعمرو بن دِينارٍ، وقَتادَةُ، ومالكٌ، وأهلُ المدينةِ، والثَّوْرِىُّ، وأهلُ العراقِ، والشَّافعِىُّ، بظَاهرِ قولِ اللَّهِ تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ}. فإنْ كانت غيرَ مَدْخُولٍ بها، فلها نصفُ الصَّداقِ؛ لأنَّها فُرْقَةٌ منه (١٢). كذلك قال الحَسَنُ، وسعيدُ بن جُبَيْرٍ، وقَتادةُ، ومالكٌ. وفيه رِوايَةٌ أُخْرَى، لا صَداقَ لها؛ لأنَّ الفُرْقَةَ حَصَلَت بِلِعانِهِما جميعًا، فأشْبَهَ الفُرْقَةَ لعَيْبٍ فى أحَدِهما.


(١٠) سورة المنافقون ١.
(١١) سقط من: الأصل.
(١٢) فى ب: "منها".

<<  <  ج: ص:  >  >>