للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٤٥ - مسألة؛ قال: (وَالْمُرتدُّ لَا يَرِثُ أَحَدًا، إلَّا أَنْ يَرْجِعَ قبلَ قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ)

لا نعلمُ خلافًا بينَ أهْلِ العِلْمِ فى أنَّ المُرْتدَّ لا يَرِثُ أحدًا. وهذا قولُ مالكٍ، والشَّافِعىِّ، وأصحاب الرَّأْىِّ، ولا نَعْلَمُ عن غيرِهم خِلافَهم؛ وذلك لأنَّه لا يَرِثُ مُسْلمًا، لقولِ النّبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يَرِثُ كَافِرٌ مُسْلِمًا" (١). ولا يرثُ كافرًا؛ لأنَّه يُخالِفُه فى حُكْمِ الدِّينِ؛ لأنَّه لا يُقَرُّ على كُفْرِه، فلم يثْبُتْ له حُكْمُ أهْلِ الدِّينِ الذى انْتَقلَ إليه، ولهذا لا تَحِلُّ ذَبِيحتُهم، ولا نِكاحُ نِسائِهم، وإنِ انْتَقلوا إلى دينِ أهْلِ الكِتابِ. ولأنَّ المُرْتَدّ تزولُ أمْلاكُه الثَّابِتَةُ له واسْتِقْرارُها، فلأَنْ لا يثْبُتُ له مِلْكٌ أوْلى. ولو ارْتَدَّ مُتَوارِثان، فمات أحدُهما، لم يَرِثْه الآخرُ، فإنَّ المُرْتَدَّ لا يَرِثُ، ولا يُورَثُ. وإِنْ رَجَعَ المُرْتَدُّ إلى الإِسْلامِ قَبْلَ قَسْمِ الميراثِ، قُسِمَ له، على ما سنذْكُره فى المسْألةِ التى بعدَها، إن شاءَ اللَّهُ تعالى.

فصل: والزّنْدِيقُ كالمُرْتَدِّ فيما ذكرنا. والزّنْديقُ هو الذى يُظْهِرُ الإسلامَ ويَسْتَسِرُّ بالكُفْرِ، وهو المُنافق، كان يُسَمَّى فى عَصْرِ النّبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مُنافِقًا، ويُسَمَّى اليومَ زِنْديقًا. قال أحمدُ: مالُ الزِّنْديقِ فى بَيْتِ المالِ.

فصل: إذا ارْتَدَّ أحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الدُّخولِ، انْفَسَخَ النِّكاحُ فى الحالِ، ولم يَرِثْ أحدُهما الآخرَ، وإِنْ كانتْ رِدّتُه بَعْدَ الدُّخولِ، ففيه رِوَايتانِ؛ إحْداهما، يتَعَجَّلُ الفُرْقَةَ. والأخرى، يَقِفُ على انْقضاءِ العِدَّةِ، وأيُّهما ماتَ لم يَرِثْه الآخرُ (٢). وحكمُ رِدَّتِهما جميعا كحُكْمِ رِدَّةِ أحدِهما، فى فَسْخِ النِّكاحِ، وامْتناعِ الميراثِ. وقال أهل


(١) تقدم تخريجه فى صفحة ١٥٥.
(٢) من هنا إلى نهاية الفصل سقط من: أ، م. وكتب على حاشية الأصل بقلم مختلف: مكرر فيما يأتى بعد إن شاء اللَّه. وهو يأتى بتفصيل أكثر فى الفصل الثانى من المسألة التالية، كما يأتى تفصيل ميراث الزنديق الذى سبق الحديث عنه فى الفصل السابق، يأتى تفصيله فى الفصل الأول من المسألة التالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>