للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: والزَّادُ الذى تُشْتَرَطُ القُدْرَةُ عليه، هو ما يَحْتاجُ إليه فى ذَهابِهِ وَرُجُوعِهِ؛ من مَأْكُولٍ ومَشْرُوبٍ وكُسْوَةٍ، فإن كان يَمْلِكُه، أو وَجَدَهُ يُباعُ بِثَمَنِ المِثْلِ فى الغَلاءِ والرُّخْصِ، أو بِزِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ لا تُجْحِفُ بمَالِه، لَزِمَهُ شِرَاؤُهُ، وإن كانت تُجْحِفُ بمَالِه، لم يَلْزَمْهُ، كما قُلْنَا فى شِرَاءِ الماءِ لِلْوُضُوءِ. وإذا كان يَجِدُ الزَّادَ فى كلِّ مَنْزِلَةٍ، لم يَلْزَمْهُ حَمْلُه، وإن لم يَجِدْهُ كذلك، لَزِمَهُ حَمْلُه. وأمَّا الماءُ وعَلَفُ البَهائِمِ، فإن كان يُوجَدُ فى المَنازِلِ التى يَنْزِلُها على حَسَبِ العَادَةِ، وإلَّا لم يَلْزَمْهُ حَمْلُه من بَلِدِه، ولا مِن أقْرَبِ البُلْدانِ إلى مَكَّةَ، كأطْرَافِ الشَّامِ ونَحْوِها؛ لأنَّ هذا يَشُقُّ، ولم تَجْرِ العادَةُ به، ولا يَتَمَكَّنُ من حَمْلِ الماءِ لِبَهائِمِه فى جَمِيعِ الطَّرِيقِ، والطَّعَامُ بِخِلافِ ذلك، ويُعْتَبَرُ أيضا قُدْرَتُه على الآلاتِ التى يَحْتاجُ إليها، كالغَرَائِرِ ونَحْوِها، وأوْعِيَةِ الماءِ وما أشْبَهَهَا؛ لأنَّه مِمَّا لا يُسْتَغْنَى عنه، فهو كأَعْلافِ البَهائِمِ.

فصل: وأمَّا الرَّاحِلَةُ، فيُشْتَرَطُ أن يَجِدَ رَاحِلَةً تَصْلُحُ (١٨) لِمِثْلِه، [إمَّا شِراءً أو كِرَاءً] (١٩)، لِذَهَابِه ورُجُوعِه، ويَجِدُ ما يَحْتاجُ إليه من آلَتِها التى تَصْلُحُ لمِثْلِه، فإن كان مِمَّنْ يَكْفِيهِ الرَّحْلُ والقَتَبُ، ولا يَخْشَى السُّقُوطَ، أجْزَأ وُجُودُ ذلك. وإن كان مِمَّنْ لم تَجْرِ عَادَتُه بذلك، ويَخْشَى السُّقُوطَ عنهما، اعْتُبِرَ وُجُودُ مَحْمَلٍ وما أشْبَهه، مِمَّا لا مَشَقَّةَ فى رُكُوبِهِ، ولا يُخْشَى السُّقُوطُ عنه؛ لأنَّ اعْتِبارَ الرَّاحِلَةِ فى حَقِّ القَادِرِ على المَشْىِ، إنَّما كان لِدَفْعِ المَشَقَّةِ، فيَجِبُ أن يُعْتَبَرَ هاهُنا ما تَنْدَفِعُ به المَشَقَّةُ. وإن كان مِمَّنْ لا يَقْدرُ على خِدْمَةِ نَفْسِه، والقِيَامِ بِأمْرِه، اعْتُبِرَتِ القُدْرَةُ على من يَخْدِمُه، لأنَّه مِن سَبِيلِه.

فصل: ويُعْتَبَرُ أن يكونَ هذا فَاضِلًا عما يَحْتاجُ إليه لِنَفَقَةِ عِيالِه الذين تَلْزَمُه


(١٨) سقط من: الأصل.
(١٩) فى أ، ب، م: "إما بشراء أو بكراء".

<<  <  ج: ص:  >  >>