للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمنهم مَن يقولُ: يَقَعُ عليها السَّاعةَ واحدةٌ، فلو راجعَها تَقعُ عليها تَطْليقةٌ أُخْرَى، وتكونُ عندَه على أُخْرَى. وما يُعْجبُنى قولُهم هذا. فيَحْتمِلُ أَنَّ أحمدَ أوقعَ الثَّلاثَ؛ لأنَّ ذلك عندَه سُنَّةٌ، ويَحْتَمِلُ أنَّه أوْقعَها لوَصْفِه الثَّلاثَ بما لا تَتَّصِفُ به، فألْغَى الصِّفةَ، وأوْقعَ الطَّلاقَ، كما لو قال لحائضٍ: أنت طالقٌ فى الحالِ للسُّنَّةِ. وقد قال، فى روايةِ أبى الحارثِ، ما يَدلُّ على هذا، قال: يَقَعُ عليها الثَّلاثُ، ولا معنى لقولِه: للسُّنَّةِ. وقال أبو حنيفة: يقَعُ فى كَلِّ قَرْءٍ طَلْقةٌ، وإن كانت من ذواتِ الأشْهُرِ وقعَ فى كلِّ شهرٍ طلقةٌ. وبَناهُ على أصْلِه فى أنَّ السُّنَّةَ تَفْريقُ الثَّلاثِ عل الأطْهارِ، وقد بَيَّنَّا أنَّ ذلك فى حُكمِ جَمْعِ الثَّلاثِ. وإن (٣) قال: أرَدْتُ بقَوْلِى: للسُّنَّةِ إيقاعَ واحدةٍ فى الحالِ، واثْنتَيْن فى نكاحَيْنِ آخَرَيْنِ. قُبِلَ منه، وإن قال: أرَدْتُ أن يقَعَ فى كُل قَرْءٍ طَلْقةٌ. قُبِلَ أيضًا؛ لأنَّه مذهبُ طائفةٍ من أهلِ العلمِ، وقد وردَ به الأثرُ، فلا يَبْعُدُ أن يُريدَه. وقال أصحابُنا: يَدِينُ (٤). وهل يُقبَلُ فى الحُكمِ؟ على وَجْهينِ؛ أحدهما، لا يُقبَلُ؛ لأنَّ ذلك ليس بِسُنَّةٍ. والثانى، يُقْبَلُ؛ لما قدَّمْنا. فإن كانت فى زمنِ البِدْعةِ، فقال: سبَقَ لسانِى إلى [قَوْلِى: للسُّنَّةِ] (٥)، ولم أُرِدْه؛ وإنَّما أرَدْتُ الإيقاعَ فى الحالِ. وقعَ فى الحالِ؛ لأنَّه مالكٌ لإيقاعِها، فإذا اعْترفَ بما يُوقِعُها، قُبِلَ منه.

فصل: إذا قال: أنتِ طالقٌ ثلاثًا بعضُهنَّ للسُّنَّةِ، وبعضُهنَّ للبِدْعةِ. طَلُقَتْ فى الحالِ طَلْقتَيْنِ، وتأخَّرتِ الثَّالثةُ إلى الحالِ (٦) الأُخْرَى؛ لأنَّه سَوَّى بين الحالَينِ، فاقْتضَى الظَّاهرُ أن يكُونا سَواءً، فيقَعُ فى الحالِ طَلْقةٌ ونصفٌ، ثم يَكْمُلُ النِّصْفُ؛ لكَوْنِ الطَّلاقِ لا يَتَبَعَّضُ، فيقَعُ طَلْقتانِ. ويَحْتمِلُ أن تَقعَ طَلْقةٌ، وتتأخَّرَ اثْنَتانِ إلى الحالِ الأُخْرَى؛ لأنَّ البَعْضَ يَقَعُ على ما دونَ الكُلِّ، ويتنَاولُ القليلَ مِن ذلك والكثيرَ، فيقَعُ أقلُّ


(٣) فى أ، ب، م: "فإن".
(٤) أى يقبل دِينًا.
(٥) فى ب، م: "قول السنة".
(٦) سقط من: ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>